كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

17 - وفي رواية للشيخين: أَنَّ الأَنْصَارَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا هُمْ وَغَسَّانُ يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ فتَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ [وَكَانَ ذَلِكَ سُنّةً فِي آبَائِهِمْ، مَنْ أَحْرَمَ لمِنَاةَ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ] وَإِنَّهُمْ سَأَلُوا النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عنْ ذَلِكَ حِينَ أَسْلَمُوا فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى فِي ذَلِكَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية. [صحيح]
قوله: "وعن عروة"، يأتي الحديث وشرحه في كتاب الحج.
18 - وَعَن مُجَاهِد قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - يَقُولُ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمُ الدِّيَةُ فَقَالَ الله تَعَالَى لِهَذِهِ الأُمَّةِ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} فَالْعَفْوُ: أَنْ يَقْبَلَ الرَّجُل الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ. {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} أَنْ يَطْلُبَ هَذَا بِالْمَعْرُوفِ وَيُؤَدِّى هَذَا بِإِحْسَانٍ، {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} قَتَل بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ. أخرجه البخاري (¬1) والنسائي (¬2). [صحيح]
قوله: "كان في بني إسرائيل القصاص".
أقول: كان يريد كان فيهم القصاص أو العفو؛ لأنه تعالى حكى عما كتبه عليهم في التوراة أن النفس بالنفس، ثم قال: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ}، وهذا هو العفو فكان الذي اختصت به الأمة هذه لا غير.
¬__________
(¬1) في صحيحه رقم (4498) وطرفه (6881).
(¬2) في "السنن" (8/ 133) وهو حديث صحيح.

الصفحة 20