كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

30 - وفي أخرى (¬1) له قالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! مَا الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ؟ أَهُمَا خَيْطَانِ؟ قَالَ: "إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا إِنْ أَبْصَرْتَ الْخَيْطَيْنِ". ثُمَّ قَالَ: "لاَ، بَلْ هُمَا سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ". [صحيح]
قوله في حديث سهل بن سعد: "بل هما سواد الليل وبياض النهار".
في التوشيح: هذا كلام ظاهر المعنى غني عن الشرح [لأنه] (¬2) إن كان الخيطان المرادان في الآية يصلحان أن يكونا تحت الوساد فلا شيء [256/ ب] أعرض من هذا الوساد ولا أطول، وإن أريد بهما الخيط الذي يبدو من المشرق والمغرب فلا يصلح لذلك إلا وساد بطول الخافقين، وكذلك قوله: "إنك لعريض القفا"؛ لأن من لازم عرض الوسادة أن يكون القفا الموضوع عليه عريضاً.
وقيل: إن هذه الكلمة كناية عن الغباوة، وقلة الفطنة، ولم يظهر منه وهو في عريض القفا ظاهر (¬3). انتهى.
قلت: قد وسعنا البحث في ذيل الأبحاث المسددة (¬4).
31 - وَعَن الْبَرَاءَ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ الأَنْصَارُ إِذَا حَجُّوا فَجَاءُوا لَمْ يَدْخُلُوا مِنْ قِبَلِ أَبْوَابِ الْبُيُوتِ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُم فَدَخَلَ مِنْ قِبَلِ بَابِهِ، فَكَأنَّهُ عُيِّرَ بِذَلِكَ، فَنَزَلَتْ {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ
¬__________
(¬1) انظر التعليقة المتقدمة.
(¬2) في (ب) مكررة.
(¬3) انظر: "فتح الباري" (8/ 133 - 134).
(¬4) "الأبحاث المسددة في فنون متعددة" (ص 39 - 40).

الصفحة 28