كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

وابن جرير (¬1)، وابن المنذر (¬2)، عن ابن عباس: "أنه كان يقرأها: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}، في مواسم الحج"، وفي رواية: وكان يقرأها كذلك. وفي قراءة ابن مسعود (¬3): في مواسم (¬4) الحج فابتغوا حينئذٍ، فنزلت الآية: إن التجارة ونحوها من الإجارة ابتغاء من فضل الله كما دل له قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ [68/ أ] الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (¬5).
ودلت أيضاً على أن من عمل يبتغي فيه الأجرة الدنيوية والمكاسب فإنه لا ينافيه طلب الأجر الأخروي فمن كتب المصاحف ونسخ نحو كتب الحديث وعمر القناطر والمساجد بالإجارة فإنه أيضاً مأجور.
فإن قلت: الآية إنما نفت الجناح ولم تثبت الأجر.
قلت: إنما خص ذلك بسبب نزولها فإنهم ظنوا الحرج والجناح فيما يأتونه فنفاه الله عنهم ومعلوم أن الابتغاء من فضل الله يؤجر عليه صاحبه مع الاحتساب وإرادة الثواب.
¬__________
(¬1) في "جامع البيان" (3/ 507).
(¬2) عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (1/ 222).
وقراءة ابن عباس معدودة في الشاذ الذي صح إسناده وهو حجة، وليس بقرآن، انظر "فتح الباري" (4/ 248).
(¬3) انظر: "معجم القراءات" (1/ 273).
(¬4) والأولى جعل هذا تفسيراً؛ لأنه مخالف لسواد المصحف الذي أجمعت عليه الأمة. انظر "فتح الباري" (4/ 248) "جامع البيان" (3/ 507).
(¬5) سورة الجمعة الآية (10)

الصفحة 33