كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

37 - وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ أَهْل الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلاَ يَتَزَوَّدُونَ، ويَقُوُلونَ: نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَألوا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}. أخرجه البخاري (¬1) وأبو داود (¬2). [صحيح]
قوله: "فأنزل الله: {وَتَزَوَّدُوا} الآية".
قال [259/ ب] المهلب (¬3): في هذا الحديث من الفقه أن ترك السؤال من التقوى، ويؤيده أن الله مدح من لم يسأل الناس إلحافاً، أي: تزودوا واتقوا إيذاء الناس بسؤالكم إياهم فالإثم في ذلك.
قال (¬4): وفيه أن التوكل لا يكون مع السؤال، وإنما التوكل المحمود أن لا يستعين بأحد في شيء، وقيل: هو قطع النظر عن الأسباب بعد تهيئة الأسباب كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "اعقلها وتوكل" (¬5).
38 - وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: يَطَوَّفُ الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ مَا كَانَ حَلاَلاً حَتَّى يُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَإِذَا رَكِبَ إِلَى عَرَفَةَ فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ هَدِيَّةٌ مِنَ الإِبِلِ أَوِ الْبَقَرِ أَوِ الْغَنَمِ، مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ غَيْرَ إِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَعَلَيْهِ صَوْمُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الأيَّامِ الثَّلاَثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَنْطَلِقْ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَاتٍ مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ يَكُونَ الظَّلاَمُ، ثُمَّ لِيَدْفَعُوا مِنْ عَرَفَاتٍ إِذَا أَفَاضُوا مِنْهَا حَتَّى يَبْلُغُوا جَمْعًا الَّذِي يُبَاتُ فِيهِ، ثُمَّ
¬__________
(¬1) في صحيحه رقم (1523).
(¬2) في "السنن" رقم (1730) وهو حديث صحيح.
(¬3) ذكره الحافظ في "فتح الباري" (3/ 384).
(¬4) ذكره الحافظ في "فتح الباري" (3/ 384).
(¬5) أخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (731) والحاكم (3/ 623) والقضاعي في مسند الشهاب رقم (633) بسند حسن، من حديث جعفر بن عمرو بن أمية عن أبيه. وهو حديث حسن.

الصفحة 34