كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

وقال مالك (¬1): يرجع في صورة الإفلاس، ويضارب في صورة الموت.
واحتج الشافعي (¬2) بهذه الأحاديث وتأولها أبو حنيفة بتأويلات ضعيفة مردودة.
2 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فكَثُرَ دَيْنُهُ فَأَفْلَسَ فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ"، فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِغُرَمَائِهِ: "خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ لَهُ لَيْسَ لَكُمْ إِلاَّ ذَلِكَ". أخرجه الخمسة (¬3) إلا البخاري. [صحيح]
قوله في حديث أبي سعيد: "أصيب رجل" أي: أصابت [139/ أ] ثماره التي شراها جائحة أتلفتها، فأمر - صلى الله عليه وسلم - الناس بالصدقة فلم يف بقضاء كل دينه، فقال لغرمائه: "ليس لكم إلا ذلك".
فيه دليل على أن الثمرة (¬4) غير مضمونة إذ لو كانت مضمونة لقال: وما بقي فنظرة إلى ميسرة أو نحوه، إذ الدين لا يسقط بإعسار المدين والحديث يذكر في باب الجوائح (¬5).
¬__________
(¬1) "مدونة الفقه المالكي وأدلته" (3/ 696)، "الاستذكار" (21/ 26 - 27).
(¬2) انظر ذلك مفصلاً في "المغني" (6/ 561)، "الحاوي الكبير" (6/ 273)، "نيل الأوطار" (10/ 304 - 313 بتحقيقي).
(¬3) أخرجه أحمد (3/ 36) ومسلم رقم (18/ 1556) وأبو داود رقم (3469) والترمذي رقم (655) والنسائي رقم (4530) وابن ماجه رقم (2356) وهو حديث صحيح.
(¬4) انظر: "الأم" (4/ 118) شرح "معاني الآثار" (4/ 35 - 36)، "الاستذكار" (19/ 112).
(¬5) عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله وضع الجوائح.
أخرجه أحمد (3/ 309) والنسائي رقم (4529) وأبو داود رقم (3470) وفي لفظ عند مسلم رقم (17/ 1554): أمر بوضع الجوائح.
وفي لفظ قال: "إن بعت من أخيك تمراً فأصابتها جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق". =

الصفحة 544