كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

23 - وعند أبي داود (¬1): أن رجلاً من الأنصار دعاه وعبد الرحمن بن عوف، وفيه فأتاهم علي - رضي الله عنه - فأمهم في المغرب، وذكر الحديث. [حسن]
قوله: في حديث علي - عليه السلام -: "أخرجه الترمذي وأبو داود":
قلت: وقال الترمذي (¬2): حسن صحيح غريب، وهذا سبب نزول الآية، والرواية هذه بينت الإمام في الصلاة، وأن الداعي عبد الرحمن بن عوف، والرواية التي انفرد بها أبو داود أبهم فيها الداعي، وأنه من الأنصار، وأن عبد الرحمن بن عوف كان هو وعلي اللذين دعيا، وكل هذا لا ضير فيه شرب الخمر كان مباحاً بنص القرآن، ثم حرم.
وعلي - عليه السلام - يقول في روايته: "قبل أن تحرم" بيان لأنهم إنما فعلوا شيئاً حلالاً، وفاعل الحلال لا يلام شرعاً ولا عقلاً، وتفرع عليه سكر من سكر منهم، والسكر جائز منه سكر الخمرة (¬3) وحضره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو سكران لا يعقل في قصة الشاربين، وتكلم فقال للرسول - صلى الله عليه وسلم - ولعلي ولمن معهما: وهل أنتم إلا عبيد لأبي، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[له شيء بعد ذلك] (¬4) وحاصله: أن كثيراً مما حرمه الله كان حلالاً، وقد استفهم أقوام من الصحابة حال من مات، وقد شرب الخمر من المؤمنين حتى أنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} (¬5) الآية.
¬__________
(¬1) في "السنن" رقم (3671)، وقد تقدم.
(¬2) في "السنن" رقم (5/ 238).
(¬3) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (2089، 2375، 3091، 4003، 5793) ومسلم رقم (1979) وأبو داود رقم (2986) من حديث علي - رضي الله عنه -.
(¬4) لم أقف على هذه العبارة في ألفاظ الحديث. ولعله يشير إلى قول الراوي: فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ثمل فنكص رسول الله على عقبيه القهقرى، فخرج وخرجنا معه.
(¬5) سورة المائدة الآية: (93).

الصفحة 81