كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

واستنكروا صلاتهم إلى غير الكعبة قبل تحويلها، وأنزل الله: {وَمَا كَانَ [280/ ب] اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (¬1).
وإنما عجبت أنه نقل عن السيد محمد بن إبراهيم الوزير الإمام الكبير أنه كتب على هامش "الجامع الكبير" ما لفظه: رواية الترمذي (¬2) وأبي داود (¬3) للخبر على هذه الكيفية باطلة، وقد رواها الحاكم [علامة الشيعة] (¬4) من أهل الحديث صاحب المستدرك على الصحيحين، وخرجه من حديث سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن علي - عليه السلام -: "دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر، فحضرت صلاة المغرب, فتقدم رجل فقرأ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} والتبس عليه فنزلت: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} " صحيح. قال الحاكم: وفي هذا الحديث فائدة [كبيرة] (¬5)، وهي: أن الخوارج تنسب هذا السكر، وهذه القراءة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب دون غيره، وقد برأ الله منها فإنه راوي الحديث. انتهى كلام الحاكم ولله الحمد. انتهى المنقول عن السيد محمد - رحمه الله -.
ولا يخفى أن الحاكم كأنها خفيت عليه رواية أبي داود، فإن فيها الإبهام في تعيين القارئ الذي لبس في القراءة حتى يقول: إن فيما رواه فائدة كبيرة، وهو الرد على الخوارج (¬6)، فالخوارج ليسوا بأهل لرد ما يفوهون به، فإنهم قائلون بكفر أمير المؤمنين فضلاً عن شربه
¬__________
(¬1) سورة البقرة الآية: (143).
(¬2) في "السنن" رقم (3026).
(¬3) في "السنن" رقم (3671)، وهو حديث حسن.
(¬4) سيأتي الرد عليه.
(¬5) زيادة من (أ).
(¬6) تقدم تعريف الخوارج.

الصفحة 82