كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

منها ما أخرجه أحمد (¬1) والنسائي (¬2) من طريق إدريس الخولاني عن معاوية سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يكون كافراً أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً".
وقد حمل جمهور السلف وجميع أهل السنة [283/ ب] ما ورد من ذلك على التغليظ، وصححوا توبة القاتل كغيره، وقالوا: معنى قوله: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} أي: إن شاء أن يجازيه تمسكاً بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬3).
ومن الحجة في ذلك حديث الإسرائيلي الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، ثم أتى تمام المائة فقال له: لا توبة لك، فقتله، فأكمل به المائة, ثم جاء آخر فقال له: ومن يحل بينك وبين التوبة .. الحديث. وهو مشهور، وإذا ثبت ذلك لمن قتل في غير هذه الأمة، فمثله لهم أولى لما خفف الله عليهم من الأثقال التي كانت على من قبلهم. انتهى.
31 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: نَزَلَتْ هَذ الآيَةُ بِمَكَّةَ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} إِلَى قَوْلِهِ: {مُهَانًا (69)} فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: وَمَا يُغْنِى عَنَّا الإِسْلاَمُ، وَقَدْ عَدَلْنَا بِالله تَعالَى، وَقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله تَعَالَى، وَأَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ فَأَنْزَلَ الله - عز وجل -: {إِلَّا مَنْ تَابَ} الآية. أخرجه الخمسة (¬4) إلا الترمذي. [صحيح]
¬__________
(¬1) في "المسند" (4/ 99).
(¬2) في "السنن" رقم (7/ 81)، وهو حديث صحيح لغيره.
(¬3) سورة النساء الآية: (48 - 116).
(¬4) أخرجه البخاري رقم (4855) وله أطراف رقم (4590 و4762 و4763، 4764، 4765، 4766) ومسلم رقم (1222، 3023) وأبو داود رقم (4373) والنسائي رقم (4001، 4002) وابن ماجه رقم (2621).

الصفحة 88