كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 2)

44 - وَعَن قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَّا يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو أُبَيْرِقٍ بِشْرٌ وَبَشِيرٌ وَمُبَشِّرٌ، وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلاً مُنَافِقًا يَقُولُ الشِّعْرَ يَهْجُو بِهِ أَصْحَابَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ يَنْحَلُهُ بَعْضَ الْعَرَبِ، يَقُولُ: قَالَ فُلاَنٌ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ فُلاَنٌ: كَذَا وَكَذَا، وَكَانُوا أهْلَ بَيْتٍ حَاجَةٍ وَفَاقَةٍ فِي الجاهِلِيِّة وَالإسْلَام، وَكَانَ النَّاسُ إِنَّمَا طَعَامُهُمْ بِالْمَدِينَةِ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لَهُ يَسَارٌ فَقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ مِنَ الشَّامِ مِنَ الدَّرْمَكِ ابْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْهَا فَخَصَّ بِهَا نَفْسَهُ، وَأَمَّا الْعِيَالُ فَإِنَّمَا طَعَامُهُمُ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ، فَقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ مِنَ الشَّامِ فَابْتَاعَ عَمِّي رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ حِمْلاً مِنَ الدَّرْمَكِ، فَجَعَلَهُ فِي مَشْرَبَةٍ لَهُ, وَفي الْمَشْرَبَةِ سِلاَحٌ وَدِرْعٌ وَسَيْفٌ، فَعُدِىَ عَلَيْهِ مِنْ الليل، فَنُقِبَتِ الْمَشْرَبَةُ، وَأُخِذَ الطَّعَامُ وَالسِّلاَحُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَانِي عَمِّي رِفَاعَةُ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي! إِنَّهُ قَدْ عُدِىَ عَلَيْنَا فِي لَيْلَتِنَا فَنُقِبَتْ مَشْرَبَتُنَا وَذُهِبَ بِطَعَامِنَا وَسِلاَحِنَا. قَالَ: فتحَسَّسْنَا فِي الدَّارِ وَسَأَلْنَا. فَقِيلَ لَنَا: قَدْ رَأَيْنَا بَنِي أُبيْرِقٍ اسْتَوْقَدُوا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَلاَ نُرَى فِيمَا نُرَى إِلاَّ عَلَى بَعْضِ طَعَامِكُمْ. وَكَانَ بَنُو أُبيْرِقٍ قَالُوا: وَنَحْنُ نَسْأَلُ فِي الدَّارِ، وَالله! مَا نُرَى صَاحِبَكُمْ إِلاَّ لَبِيدَ بْنَ سَهْلٍ رَجُلاً مِنَّا لَهُ صَلاَحٌ وَإِسْلاَمٌ، فَلَمَّا سَمِعَ لَبِيدٌ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ، وَقَالَ: أَنَا أَسْرِقُ فَوَالله! لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْفُ أَوْ لَتُبَيِّنُنَّ هَذِهِ السَّرِقَةَ. فَقَالُوا: إِلَيْكَ عَنْهَا أَيُّهَا الرَّجُلُ! فَمَا أَنْتَ بِصَاحِبِهَا. فَسَأَلْنَا فِي الدَّارِ حَتَّى لَمْ نَشُكَّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهَا، فَقَالَ لِي عَمِّي: يَا ابْنَ أَخِي! لَوْ آتَيْتَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتَ ذَلِكَ لَهُ. فَأتَيْتُه فَقُلْتُ: إِنَّ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلَ جَفَاءٍ عَمَدُوا إِلَى عَمِّي رِفَاعَةَ فَنَقَبُوا مَشْرَبَته وَأَخَذُوا سِلاَحَهُ وَطَعَامَهُ, فَلْيَرُدُّوا عَلَيْنَا سِلاَحَنَا؛ فَأَمَّا الطَّعَامُ فَلاَ حَاجَةَ لَنَا فِيهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "سَآمُرُ فِي ذَلِكَ". فَلَمَّا سَمِعَ بَنُو أُبيْرِقٍ أَتَوْا رَجُلاً مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: أَسِيرُ بْنُ عُرْوَةَ فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ، فَاجْتَمَعَ فِي ذَلِكَ أنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ.
¬__________
= قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (1066) وابن حبان في "صحيحه" رقم (1451، 2735)، وهو حديث صحيح.

الصفحة 94