كتاب التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل (اسم الجزء: 2)

وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي: كان أبوه يعمل الصِّحْنَاءة والكواميخ (¬1)، وطلب هشيم الحديث وهو صغير فكان أبوه يمنعه وهو يأبى عليه، وكان يلزم مجلس القاضي أبي شيبة ويناظره في الفقه، فمرض هشيم مرضة فجاء القاضي وأصحابه يعودونه فقيل لأبيه: أدرِك ابنَك جاء القاضي لعيادته فجاء وفي يده الصحناءة فلما خرج قال لابنه: يا بني ما كنت أُأمِّلُ هذا، جاء القاضي إلى منزلي قد كنت أمنعك، فأما اليوم فلا.
وقال غيره: كان طباخاً للحجاج ثم صار يعمل الصحناءة والكواميخ، وكان قد اشترك هو ووالد شعبة في بناء قصر الحجاج بواسط.
وقال أبو عبيدة الَحدَّاد: قَدِمَ علينا هُشَيْم البصرة، فقلنا لشعبة: قَدِمَ صديقك هُشَيْم، نكتب عنه؟ فقال: إنْ حَدَّثكم عن ابن عباس وابن عمر فَصَدِّقوه، فأتيناه فحدثنا برقائق مغيرة، فأخبرنا شعبة فأعرض بوجهه وقال: أكثر أبو معاوية.
وقال مالك بن أنس: وهل بالعراق أحد يحسن الحديث إلا ذاك الواسطيّ؟ يعني هشيماً.
وقال حماد بن زيد: ما رأيت في المُحَدِّثين أنبل منه.
وقال له ابن مهدي يوماً: بلغني عنك حديث حسن قد نسيته، فقال في أي باب هو؟ قال: في التفسير: فقال: أنا أحدثك: أنا الحجاج، عن عطاء، عن ابن عباس في قوله {ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون:14] [66 - ب] قال: نفخنا فيه الرُّوح. فقال ابن مهدي: هو والله بعينه.
¬__________
(¬1) الصحناءة: إدام يتخذ من السمك، والكامخ: ما يؤتدم به، أو المخللات المشهية، وهما من المعرَّب. حاشية «تهذيب الكمال»: (30/ 278 رقم 4).

الصفحة 6