كتاب التدريب في الفقه الشافعي (اسم الجزء: 2)

وأمَّا الرُّجوعُ قَهْرًا فلا يَثبُتُ إلا لِلأَصْلِ مع فرعِهِ (¬1) لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَحلُّ لِمَنْ أَعْطَى عَطيةً أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا إلَّا فِيمَا أعْطاهُ الوالِدُ لِوَلدِهِ" حديثٌ حَسنٌ أوْ صحيحٌ (¬2).
وإذا رَجعَ الأصْلُ فله الزائدُ المتصِلُ فَقط.
ويرجعُ فِي بَيْضٍ تفرَّخَ وبِذْرٍ زُرعَ، ويَمتنِعُ الرُّجوعُ بعد زَوالِ المِلْكِ بِغَيرِ التَّحرُّم (¬3)، ولا يَعودُ بِعَودِه على الأصحِّ بِخِلافِ الفَلَسِ والرَّد (¬4) بالعَيبِ
¬__________
(¬1) في (ب): "وقوعه".
(¬2) حديث حسن: رواه أبو داود (3539) والترمذي (1299) من طريق حسين المعلم عن عمرو بن شعيب، عن طاوس، عن ابن عمر وابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة، فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها، كمثل الكلب يأكل، فإذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه".
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- حديث حسن صحيح، والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وغيرهم قالوا: من وهب هبة لذي رحم محرم، فليس له أن يرجع فيها، ومن وهب هبة لغير ذي رحم محرم فله أن يرجع فيها ما لم يثب منها، وهو قول الثوري. وقال الشافعي: لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. واحتج الشافعي بحديث عبد اللَّه بن عمرو عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده". انتهى.
ورواه الدارقطني في "سننه" (3/ 42) وقال: حسين المعلم من الثقات، تابعه إسحاق الأزرق وعلي بن عاصم عن حسين، ورواه عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(¬3) "بغير التحرم": سقط من (ب)، وفي (أ): "بغير التخمر"، وفي (ل): "بغير النجم".
(¬4) "والرد": مكرر في (ز).

الصفحة 272