كتاب تاريخ الجزائر في القديم والحديث (اسم الجزء: 2)

ضعفوا بذلك عن عدوهم، وتعدد ملوكهم لاتساع اقطارهم واختلاف انسابهم وعوائدهم حتى غلبوا بذلك على الخلافة. فنزعت من أيديهم وساروا في الملك بسير من قبلهم مع غلبة الهوى واندراس معالم التقوى " اهـ.
وهذه أخبار ترشد الى أن من العلماء من دينه ارضاء شهوات السلاطين، وان من السلاطين من دينه احترام ما تحترمه العامة من عادة أو قبر أو شيح مشهور بالولاية، وغرضنا التنبيه لا الاستقصاء:
كان من مشاهير صلحاء تونس ابو محمد المرجاني المتوفي سنة 699 فكان ابو حفص عمر يخدمه. ورام ان يلي عهده ابنه عبد الله وهو صغير. فنكر عليه الموحدون ذلك. فاستشار المرجاني فاشار عليه بتولية أبي عصيدة محمد بن الواثق. فقبل اشارته وكانت أم أبي عصيدة قد فرت حاملا به يوم مقتل الواثق الى زاوية المرجاني. فولد في بيته. وعق عنه، واطعم عصيدة الحنطة يوم سابعه. ولولا مكانة المرجاني ما نزل ابو حفص على حكم اشارته.
ولما نزل يوسف المريني على تلمسان في حصاره الطويل خرج اليه ذات يوم برسالة من صاحبها ابو الحسن علي بن يخلف اخو الامام ابراهيم بن يخلف، فأقام لديه، ومات، فشهد السلطان يوسف جنازته، ونكر وصول الخيل التي خرجت معه الى ضريح ابي مدين، وأمر بوضع خشبة تنتهي اليها الخيل، وهكذا الافراط في احترام الاموات في حين أن التلمسانيين يموتون كل يوم جوعا وقتلا بغير حق.
وذكر صحاب الفارسية ان ابا يحي ابا بكر كان في نزهة في رياضه الكبير سنة 747 فادخل عليه رسم رؤية هلال رجب على عادة قضاة الحضرة، فقال لا اله الا الله، دخل رجب، وكرر ذلك، ثم قام وتطهر واخلص التوبة، وهذا من احترام العادة دون الدين، لانها حرمت شرب الخمر في رجب وشعبان ورمضان خاصة.

الصفحة 496