كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر (اسم الجزء: 2)

(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ «فانْقادت مَعَهُ الشَّجَرَةُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ» هُوَ الَّذِي جُعل فِي أَنْفِهِ الخِشَاشُ. والْخِشَاشُ مُشْتقٌّ مِنْ خَشَّ فِي الشَّيْءِ إِذَا دَخَل فِيهِ، لأنهُ يُدخَل فِي أَنْفِ البَعير.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «خُشُّوا بَيْنَ كلامِكم لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» أَيْ أَدْخِلُوا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنيس «فَخَرَجَ رَجُلٌ يَمشي حَتَّى خَشَّ فِيهِمْ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَوَصَفَت أَبَاهَا فَقَالَتْ: «خَشَاشُ المَرْآة والمَخْبَر» أَيْ أَنَّهُ لَطِيفُ الْجِسْمِ وَالْمَعْنَى. يُقَالُ رَجُلٌ خِشَاشٌ وخَشَاشٌ إِذَا كَانَ حادَّ الرأس ماضياً لطيف المَدْخَل.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَعَلَيْهِ خُشَاشَتَانِ» أَيْ بُرْدَتان، إِنْ كَانَتِ الرِّوَايَةُ بِالتَّخْفِيفِ فَيُرِيدُ خِفَّتَهما ولُطفَهما، وَإِنْ كَانَتْ بِالتَّشْدِيدِ فَيُرِيدُ بِهِ حرَكَتهما، كَأَنَّهُمَا كَانَتَا مصْقُولَتين كَالثِّيَابِ الجُدُد المصْقولة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «قَالَ لَهُ رجُل: رَمَيْت ظَبْياً وَأَنَا مُحْرِمٌ فأصَبْتُ خُشَشَاءَهُ» هُوَ الْعَظْمُ النَّاتِئُ خَلْف الأُذن، وهَمْزتُه منقَلِبة عَنْ أَلِفِ التَّأْنِيثِ، وَوَزْنُهَا فُعَلاء كَقُوبِاء، وَهُوَ وَزْن قَلِيلٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ.

(خَشَعَ)
(هـ) فِيهِ «كَانَتِ الْكَعْبَةُ خُشْعَةً عَلَى الْمَاءِ فدُحِيَت مِنْهَا الأرضُ» الْخُشْعَةُ: أكَمَةٌ لاطِئةٌ بِالْأَرْضِ، والجمْع خُشَعٌ. وَقِيلَ هُوَ مَا غَلَبت عَلَيْهِ السُّهولة: أَيْ لَيْسَ بحَجر وَلَا طِينٍ. ويروى خشفة بالخاء والفاء، وسيأتي.
(س) وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّهُ أقْبَل عَلَيْنَا فَقَالَ: أَيُّكُمْ يُحِب أَنْ يُعْرِض اللَّهُ عَنْهُ؟ قَالَ فَخَشَعْنَا» أَيْ خَشينا وخضَعنا. والْخُشُوع فِي الصَّوْتِ وَالْبَصَرِ كالخُضُوع فِي الْبَدَنِ. هَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ أَبِي مُوسَى. وَالَّذِي جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ «فَجَشِعْنا» بِالْجِيمِ وشرَحه الحُمَيْدي فِي غَرِيبِهِ فَقَالَ:
الجَشَع: الفَزَعُ وَالْخَوْفُ.

(خَشَفَ)
(هـ) فِيهِ «قَالَ لِبلال: مَا عَمَلُك؟ فَإِنِّي لَا أَرَانِي أدخُلُ الْجَنَّةَ فأسمعِ الْخَشْفَةَ فَأَنْظُرُ إلاَّ رأيتُك» الْخَشْفَةُ بِالسُّكُونِ: الحِسُّ والحرَكة. وَقِيلَ هُوَ الصَّوت. والْخَشَفَةُ بِالتَّحْرِيكِ: الْحَرَكَةُ.
وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى، وَكَذَلِكَ الخَشْف.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «فسَمِعَت أمِّي خَشْفَ قدمى» .

الصفحة 34