كتاب تعليق الفرائد على تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

الواحد مقصود الواضع كما في الأعلام أو لا كما في غيرهما, ولو قال: ما وضع لاستعماله في شيء بعينه لكان أصرح. هذا نصه, يعني أن المعتبر في المعرفة هو التعين عند الاستعمال دون الوضع ليندرج فيه الأعلام الشخصية وغيرها من المضمرات والمبهمات وسائر المعارف فإن لفظة (أنا) مثلًا لا تستعمل إلَّا في أشخاص معينة؛ إذ لا يصح أن يقال: (أنا) ويراد به متكلم لا بعينه, وليست موضوعة لواحد منها, وإلَّا لكانت في غيره مجازًا, ولا لكل واحد منها, وإلَّا لكانت مشتركة موضوعة أوضاعًا بعدد أفراد المتكلم, فوجب أن تكون موضوعة لمفهوم كلي شامل لكل الأفراد, ويكون الغرض من وضعها له استعمالها في أفراده المعينة دونه.
وقد أولع كثير من الفضلاء بهذا البحث والظاهر ما أفاده بعض الحذاق: من أنها موضوعة لكل معين منها وضعًا واحدًا عامًا, فلا يلزم كونها مجازًا في شيء منها ولا الاشتراك, ولا تعدد الأوضاع. ولو صح ما ذكروه لكان: أنا, وأنت, وهذا, مجازات لا حقائق لها, إذ لم تستعمل فيما وضعت هي له من المفهومات الكلية, ولا يصح استعمالها [في شيء] منها أصلًا, وهذا مستبعد جدًا, وكيف لا ولو كانت كذلك لما اختلف أئمة اللغة في عدم استلزام المجاز الحقيقة, ولما احتاج من نفى الاستلزام إلى التمسك في ذلك بأمثلة نادرة فتفهم. «وليس ذو الإشارة قبل العلم خلافًا للكوفيين» , فإنهم قدموه

الصفحة 14