كتاب تعليق الفرائد على تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

مثل: {من يمشي على بطنه} و {من يمشي على رجلين} فإنهما اقترنا بـ (كل دابة) وهو شامل للنوعين لا كلمة من. «خلافًا لقطرب» فإنه جوز إطلاق (من) على غير العاقل بلا شرط, استدلالًا بقوله تعالى: {ومن لستم له برازقين} وكأنه حملها على البهائم, ولا دليل فيه؛ لجواز أن تحمل على الرقيق والبهائم؛ لأن الجميع خلق للمنافع, ولكن الأول أظهر. «و «ما» في الغالب لما لا يعقل وحده» نحو: أعجبني ما صنعته.

قال المصنف: واحترزت بقولي (في الغالب) من نحو قوله تعالى: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} ومن قول بعض العرب: سبحان من سخركن لنا.

قلت: إنما يتم هذا لو كانت (ما) في المثال المذكور مستعملة للعاقل وليس كذلك؛ لما تقرر من منع إطلاق هذا اللفظ على البارئ سبحانه, وسننبه على أن التعبير بـ (ما لا يعلم) كان أولى من هذه العبارة.

وقد استدل على إطلاق ما على ذوي العقول بإطباق أهل العربية على قولهم:
من لما يعقل. من غير تجوز في ذلك, حتى لو قيل: من لم يعقل. كان لغوًا من الكلام بمنزلة أن يقال: الذي يعقل عاقل.
فإن قيل: ها هنا يجب أن يفرق بـ (ما) و (من)؛ لأن ما يعقل / معلوم أنه من ذوي العلم.

الصفحة 251