كتاب مقارنة المرويات (اسم الجزء: 2)

هكذا صنع الباحث، وبالرجوع إلى النص الذي اعتمده الباحث في رأي أبي حاتم، وسياقه، يظهر منه بوضوح أن أبا حاتم لا يتكلم على الترجيح بين الأوجه الثلاثة، وإنما هو يوازن بين روايتي سعيد بن أبي بردة، وأبي إسحاق السبيعي، بذكر أبي موسى، وبين رواية أبي إسحاق الثانية بحذف أبي موسى، فرجح من هذه الجهة فقط.
فكأنه يقول: لا يصح ذكر أبي موسى الأشعري، أما من طريق سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى، فلحال راويه عن سعيد، وهو المغيرة بن أبي الحر، وأما من طريق أبي إسحاق، فالراوي عنه عند أبي حاتم هو موسى بن عقبة، وروايته عن أبي إسحاق لا تصح، فهو يروي هذه الأحاديث عن رجل مجهول، يقال له: عبدالله بن علي، عن أبي إسحاق، يعني ويسقطه، هكذا قال أبو حاتم عنه في حديث آخر، خالفه فيه إسرائيل أيضا فأرسله كما في حديثنا هذا (¬١)، وهذا هو الراجح عن أبي إسحاق، فتلخص أن جعل الحديث عن أبي موسى الأشعري لا يصح.
وكأن أبا حاتم لم يقف على رواية أبي أحمد الزبيري، عن إسرائيل، الموصولة بذكر أبي موسى، أو وقف عليها ولم يعتدَّ بها، فإن أبا أحمد الزبيري يخطئ، وقد خالفه محمد بن يوسف الفريابي، وعبيدالله بن موسى، فروياه عن إسرائيل مرسلا، كما تقدم، وفي رواية أبي إسحاق لهذا الحديث عن أبي بردة قصة، فلم
---------------
(¬١) «علل ابن أبي حاتم» ١: ٣٥٨، وانظر: «الجرح والتعديل» ٥: ١١٤.

الصفحة 528