كتاب مقارنة المرويات (اسم الجزء: 2)

قال: «رواه يحيى بن سلام، عن مالك، بهذا الإسناد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتفرد برفعه، ولم يتابع عليه، ورواه أصحاب الموطأ موقوفا على جابر، وهو الصحيح».
فتعقبه ابن القطان بكلام خشن، أدرج فيه تعقبه لعدد من الأئمة، بما يدل على أنه لم يتمعن طريقتهم، فأغلظ القول عليهم، وأنقل نصه للعبرة، وليتجنب الباحث الوقوع في مثل ما وقع فيه، فمن أهم صفات الباحث في أي فن إدراكه لطريقة أئمة هذا الفن، وما اصطلحوا عليه، لئلا يقع في التنبيه على ما هو بدهي لا يحتاج إلى تنبيه، أو التعقب والاستدراك في غير محله.
قال ابن القطان متعقبا عبدالحق: «الخطأ فيه بين، إلا أنه لما لم يعزه، جوّزنا أن يكون قد وجده كما قال، ويغلب على الظن أنه إنما اتبع فيما قال أبا عمر بن عبدالبر، فإنه الذي ذكر حديث مالك هذا، ثم أتبعه أن قال: رواه يحيى بن سلام، صاحب التفسير، عن مالك، عن أبي نعيم، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصوابه موقوف كما في الموطأ.
هكذا قال أبو عمر، وهو خطأ، وكذلك أيضا فعل فيه الدارقطني، وهو غلط، فإن الذي روى يحيى بن سلام مرفوعا، ليس هكذا، وإنما هو: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فلم يصل إلا وراء الإمام».
وفرق عظيم بين اللفظين، فإن حديث مالك يقضي إيجاب قراءة الفاتحة في كل ركعة، فأما حديث يحيى بن سلام عنه، فيمكن أن يتقاصر عن هذا المعنى بأن يقال: إنما فيه إيجابها في الصلاة ويتفصَّى عن عهدته بالمرة الواحدة.

الصفحة 59