كتاب تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (اسم الجزء: 2)

وإنما قال: " اطلاعة " ليدل على أنه ليس من جنس اطلاعنا على الأشياء, وعداه بـ (إلى) , وحقه أن يعدي بـ (على) لتضمنه معنى الانتهاء.
والمراد بقوله: " فلما رأوا أنهم لم يتركوا ... " إلى آخره: أنه لا يبقى لهم متمنى ولا مطلوب أصلا غير أن يرجعوا إلى الدنيا, فيستشهدوا ثانيا, لما رأوا بسببه من الشرف والكرامة.
هذا وإن الحديث تمثيل وتخييل لحالهم وما هم عليه من البهجة والسعادة, شبه لطافتهم وبهاءهم, وتمكنهم من التلذذ بأنواع المشتهيات, والتبوء من الجنة حيث شاؤوا, وقربهم من الله تعالى, وانخراطهم في غمار الملأ الأعلى الذين هم حول عرش الرحمن = بما إذا كانوا في أجواف طير خضر, تسرح إلى الجنة حيث شاءت, وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش, وشبه حالهم في استجماع اللذائذ وحصول جميع المطالب بحال من يبالغ ويشدد عليه ربه المتفضل المشفق عليه غاية التفضل والإشفاق, القادر على جميع الأشياء, يسأل منه مطلوبا, ويكرر مرة بعد أخرى, بحيث لا يرى بدا من السؤال, فلم ير شيئا ليس له أن يسأله إلا أن يرد إلى الدنيا, فيقتل في سبيل الله مرة أخرى, والعلم عند الله تعالى.
...
927 - 2874 - وقال: " يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة, يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله

الصفحة 585