كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 2)

" صفحة رقم 440 "
وتنقيص قدرهم وذمهم ، اذ يزعمون أنهم أخياروهم بخلاف ذلك ، وفي قوله ) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ ( إشارة إلى توليهم وإعراضهم اللذين سببهما افتراؤهم ، وفي ) وَوُفّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ( إشارة إلى أن جزاء أعمالهم لا ينقص منه شيء .
والتكرار في ) عِلْمٌ مّنَ الْكِتَابِ ( ) يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ ( إما في اللفظ والمعنى إن كان المدلول واحداً ، وإما في اللفظ إن كان مختلفاً . وفي التولي والإعراض إن كانا بمعنى واحد . وفي : ) مَالِكَ الْمُلْكِ ( ) تُؤْتِى الْمُلْكَ ( ) وَتَنزِعُ الْمُلْكَ ( وتكراره في جمل للتفخيم والتعظيم إن كان المراد واحداً ، وإن اختلف كان من تكرار اللفظ فقط ، وتكرار ) مَن تَشَاء ( وفي ) تُولِجُ ( وفي ) تُخْرِجُ ( وفي متعلقيهما . والاتساع في جعل : في ، بمعنى : على ، على قول من زعم ذلك في قوله ) تُولِجُ الَّيْلَ فِى الْنَّهَارِ ( أي على النهار ، ( وَتُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ ( أي على الليل . وعبر بالإيلاج عن العلو والتغشية .
والنفي المتضمن الأمر في ) لاَ رَيْبَ فِيهِ ( على قول الزجاج ، أي لا ترتابوا فيه ، والتجنيس المماثل في ) مَالِكَ الْمُلْكِ ( والطباق : في : تؤتي وتنزع ، وتعز وتذل ، وفي الليل والنهار ، وفي الحي والميت . ورد العجز على الصدر في : تولج ، وما بعده ، والحذف وهو في مواضع مما يتوقف فهم الكلام على تقديرها . كقوله ) تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَاء ( أي من تشاء أن تؤتيه . والإسناد المجازي في ) لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ( أسند الحكم إلى الكتاب لأنه يبين الأحكام فهو سبب الحكم وروي في الحديث : ( إن من أراد قضاء دينه قرأ كل يوم : قل اللهم مالك الملك إلى بغير حساب . ويقول رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، تعطي منهما من تشاء إقض عني ديني . فلو كان ملء الأرض ذهباً لأداه الله ) .
آل عمران : ( 28 ) لا يتخذ المؤمنون . . . . .
( لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ( قيل : نزلت في عبادة بن الصامت ، كان له حلفاء من اليهود فأراد أن يستظهر بهم على العدو وقيل : في عبد الله بن أبي وأصحابه كانوا يتوالون اليهود وقيل : في قوم من اليهود ، وهم : الحجاح بن عمر ، وكهمس بن أبي الحقيق ، وقيس بن يزيد ، كانوا يباطنون نفراً من الأنصار يفتنونهم عن دينهم فنهاهم قوم من المسلمين وقالوا : اجتنبوا هؤلاء اليهود ، فأبوا ، فنزلت هذه الأقوال مروية عن ابن عباس . وقيل : في حاطب بن بلتعة ، وغيره كانوا يظهرون المودة لكفار قريش ، فنزلت .
ومعنى : اتخاذهم أولياء : اللطف بهم في المعاشرة ، وذلك لقرابة أو صداقة . قبل الإسلام ، أو يد سابقة أو غير ذلك ، وهذا فيما

الصفحة 440