" صفحة رقم 521 "
قول الطائفة لأتباعهم . وذهب ابن جريج إلى أن قوله : ) أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ ( داخل تحت الأمر الذي هو : قل ، يقوله الرسول لليهود ، وتم مقوله في قوله : أوتيتم . وأما قوله : ) أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبّكُمْ ( فهو متصل بقول الطائفة ) وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ ( وعلى هذه ، الانحاء ترتيب الأوجه السابقة .
وقرأ الأعمش وشعيب بن أبي يؤتى ، بكسر الهمزة بمعنى : لم يعط أحد مثل ما أعطيتم من الكرامة ، وهذه القراءة يحتمل أن يكون الكلام خطاباً من الطائفة القائلة ؟ ويكون قولها : أو يحاجوكم ، بمعنى : أو ، فليحاجوكم ، وهذا على التصميم على أنه لا يؤتى أحد مثل ما أوتى ، أو يكون بمعنى : إلاَّ أن يحاجوكم ، وهذا على تجويز : أن يؤتى ، أحد ذلك إذا قامت الحجة له . هذا تفسير ابن عطية لهذه القراءة ، وهذا على أن يكون من قول الطائفة .
وقال أيضاً في تفسيرها : كأنه ( صلى الله عليه وسلم ) ) يخبر أمّته أن الله لا يعطي أحداً ، ولا أعطى فيما سلف مثل ما أعطى أمّة محمد من كونها وسطاً ، فهذا التفسير على أنه من كلام محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ) لأمّته ، ومندرج تحت : قل .
وعلى التفسير الأول فسرها الزمخشري ، قال : وقرىء : إن يؤتى أحد على : إن ، النافية وهو متصل بكلام أهل الكتاب أي : ولا تؤمنوا إلاَّ لمن تبع دينكم وقولوا ما يؤتى أحد مثل ما أوتيتم حتى يحاجوكم عند ربكم ، أي : ما يؤتون مثله فلا يحاجوكم .
قال ابن عطية : وقرأ الحسن : ان يؤتى أحدٌ ، بكسر التاء على اسناد الفعل إلى : أحد ، والمعنى أن إنعام الله لا يشبهه إنعام أحد من خلقه ، وأظهر ما في هذه القراءة أن يكون خطاباً من محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ) لأمته ، والمفعول محذوف تقديره : ان يؤتى أحد أحداً . انتهى . ولم يتعرّض ابن عطية للفظ : ان ، في هذه القراءة : أهي بالكسر أم بالفتح .
وقال السجاوندي : وقرأ الأعمش : ان يؤتى ، و : الحسن : ان يؤتى أحداً ، جعلا : أن ، نافية ، وإن لم تكن بعد إلاَّ كقوله تعالى : ) فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ كَمْ فِيهِ ( و : أو ، بمعنى : إلاَّ إن ، وهذا يحتمل قول الله عز وجل ، ومع اعتراض : قل ، قول اليهود . انتهى .
وفي معنى : الهدى ، هنا قولان : أحدهما : ما أوتيه المؤمنون من التصديق برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) . والثاني : التوفيق والدلالة إلى الخير حتى يسلم ، أو يثبت على الإسلام .
ويحتمل : عند ربكم ، وجهين : أحدهما : أن ذلك في الآخرة . والثاني : عند كتب ربكم الشاهدة عليكم ولكم ، وأضاف ذلك إلى الرب تشريفاً ، وكان المعنى : أو يحاجوكم عند الحق ، وعلى هذين المعنيين تدور تفاسير الآية ، فيحمل كل منها على ما يناسب من هذين المعنيين .
( قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء ( هذا توكيد لمعنى ) قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ ( وفي ذلك تكذيب لليهود حيث قالوا : شريعة موسى مؤبدة ولن يؤتى الله أحداً مثل ما أوتي بنو إسرائل من النبوّة ، فالفضل هو بيد الله . أي : متصرّف فيه كالشيء في اليد ، وهذه كناية عن قدرة التصرّف والتمكن فيها والباري تعالى منزه عن الجارحة . ثم أخبر بأنه يعطيه من أراد ، فاختصاصه بالفضل من شاء ، إنما سببه الإرادة فقط ، وفسر : الفضل ، هنا بالنبوّة دهواكم والنبوة أشرف أفراده .
( وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ( تقدّم تفسيره .
آل عمران : ( 74 ) يختص برحمته من . . . . .
( يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء ( قال الحسن ، ومجاهد ، والربيع : يفرد بنبوّته من يشاء . وقال ابن جريج : بالإسلام والقرآن . وقال ابن عباس ، ومقاتل : الإسلام . وقيل : كثرة الذكر لله تعالى .
( وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ( تقدّم تفسير هذا وتفسير ما قبله في آخر آية : ) مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ( وتضمنت هذه الآيات من البديع : التجنيس المماثل ، والتكرار في : آمنوا وآمنوا ، وفي الهدى ، هدى الله