كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 2)

" صفحة رقم 526 "
فيه ، أي : هم يكذبون على الله في غير ما شيء وهم علماء بموضع الصدق .
وجوّزوا أن يكون : علينا ، خبر : ليس ، وأن يكون الخبر : في الأمّيين ، وذهب قوم إلى عمل : ليس ، في الجار ، فيجوز على هذا أن يتعلق بها .
قيل : ويجوز أن يرتفع : سبيل ، بعلينا ، وفي : ليس ، ضمير الأمر ، ويتعلق : على الله ، بيقولون بمعنى : يفترون .
قيل : ويجوز أن يكون حالاً من الكذب مقدماً عليه ولا يتعلق بالكذب .
قيل : لأن الصلة لا تتقدّم على الموصول .
( وَهُمْ يَعْلَمُونَ ( جملة حالية تنعى عليهم قبيح ما يرتكبون من الكذب ، أي : إن العلم بالشيء يبعد ويقبح أن يكذب فيه ، فكذبهم ليس عن غفلة ولا جهل ، إنما هو عن علم .
آل عمران : ( 76 ) بلى من أوفى . . . . .
( بَلَى ( جواب لقولهم : ) لَيْسَ عَلَيْنَا فِى الامّيِينَ سَبِيلٌ ( وهذا مناقض لدعواهم ، والمعنى : بلى عليهم في الأمّيين سبيل ، وقد تقدّم القول في : بلى ، في قوله ) بَلَى مَن كَسَبَ سَيّئَةً ( فأغنى عن إعادته هنا .
( مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ( أخبر تعالى بأن من أوفى بالعهد واتقى الله في نقضه فهو محبوب عند الله وقال ابن عباس : اتقى هنا معناه اتقى الشرك ، وهذه الجملة مقررة للجملة المحذوفة بعد بلى ، و : من ، يحتمل أن تكون موصولة ، والأظهر أنها شرطية ، و : أوفى ، لغة الحجاز و : وفى ، خفيفة لغة نجد و : وفى ، مشدّدة لغة أيضاً . وتقدّم ذكر هذه اللغات .
والظاهر في : بعهده ، أن الضمير عائد على : من وقيل : يعود على الله تعالى ، ويدخل في الوفاء بالعهد ، العهد الأعظم من ما أخذ عليهم في كتابهم من الإيمان برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) ، سواء أضيف العهد إلى : من ، أو : إلى الله ، والشرائط للجملة الخبرية أو الجزائية بمن هو العموم الذي في المتقين ، أو ما قبله ، فرد من أفراده ، ويحتمل أن يكون الخبر محذوفاً لدلالة المعنى عليه ، التقدير : يحبه الله ، ثم قال ) فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ( وأتى بلفظ : المتقين ، عاماً تشريفاً للتقوى وحظاً عليها .
آل عمران : ( 77 ) إن الذين يشترون . . . . .
( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا ( نزلت في أحبار اليهود : أبي رافع ، وكنانة بن أبي الحقيق ، وكعب بن الأشرف ، وحيي بن أخطب ، قاله عكرمة . أو : فيمن حرّف نعته ( صلى الله عليه وسلم ) ) من اليهود ، قاله الحسن . أو : في خصومة الأشعث بن قيس مع يهودي ، أو مع بعض قرابته . أو : في رجل حلف على سلعة مساءً لأعطي بها أول النهار كذا ، يميناً كاذبة ، قاله مجاهد ، والشعبي .
والإضافة في ) بِعَهْدِ اللَّهِ ( إما للفاعل وإما للمفعول ، أي : بعهد الله إياه من الإيمان بالرسول الذي بعث مصدّقاً لما معهم ، وبأيمانهم التي حلفوها لنؤمنن به ولننصرنه ، أو بعهد الله . والاشتراء هنا مجاز ، والثمن القليل : متاع الدنيا من الرشى والتراؤس ونحو ذلك ، والظاهر أنها في أهل الكتاب لما احتف بها من الآيات التي قبلها والآيات التي بعدها .
( أُوْلَائِكَ لَيْسَ لَهُمْ فِى الاْخِرَةِ ( أي : لا نصيب لهم في الآخرة ، اعتاضوا بالقليل الفاني عن النعيم الباقي ، ونعني : لا نصيب له من الخير ، نفي نصيب الخير عنه .
( وَلاَ يُكَلّمُهُمُ اللَّهُ ( قال الطبري : أي بما يسرهم وقال غيره : لا يكلمهم جملة وإنما تحاسبهم الملائكة ، قاله الزّجاج . وقال قوم : هو عبارة عن الغضب ، أي : لا يحفل بهم ، ولا يرضى عنهم ، وقاله ابن بحر . وقد تقدّم في البقرة شرح : ) وَلاَ يُكَلّمُهُمُ اللَّهُ ).
) وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ( قال الزمخشري : ولا ينظر إليهم مجاز عن الاستهانة بهم والسخط عليهم ، تقول : فلان لا ينظر إلى فلان ، يريد نفي اعتداده به ، واحسانه إليه .
فإن قلت أي فرق بين استعماله

الصفحة 526