كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

{وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا}.

[16] {وَاللَّذَانِ} أي: الرجلُ والمرأةُ. قرأ ابنُ كثيرٍ: (وَاللَّذَانِّ) و (اللَّذَيْنِ) و (هَاذَانِ) و (هَاذَيْنِ): مشدَّدَةَ النونِ للتأكيد (¬1).
{يَأْتِيَانِهَا} أي: الفاحشةَ.
{مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} عَيِّروهما باللسان. قال ابنُ عباسٍ: سُبُّوهُما، وقال: يُؤْذَى بالتعييرِ وضَرْبِ النِّعِال (¬2)، ذكر في الأولى الحبس، وهنا الإيذاء، قالوا: لأنَّ الأُولى في النساء، وهذه في الرجال.
{فَإِنْ تَابَا} من الفاحشة.
{وَأَصْلَحَا} العملَ.
{فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} لا تُؤْذوهما {إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا}.
وهذا كلُّه قبلَ نزولِ الحدود، فَنُسِخَتْ بالجلدِ والرَّجْمِ، فالجلدُ في القرآن، قال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2]، والرجمُ في السنةِ وردَ به الحديثُ الصحيحُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قَضَى به، ويأتي الكلام على الجلد والرجم، وحكمُه، واختلافُ الأئمة فيه في أول سورة النور إن شاء الله تعالى.
¬__________
(¬1) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 229)، و"التيسير" للداني (ص: 94)، و"تفسير البغوي" (1/ 494)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 248)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 118).
(¬2) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 211).

الصفحة 100