كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)
سفلْنَ، فهؤلاء المذكوراتُ محرَّماتٌ بالنسبِ بالاتفاق، وما بقيَ محرَّماتٌ بالسَّبَبِ، وهي: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} وتحريمُ الرَّضاعِ كتحريمِ النسبِ؛ لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلاَدَةِ" (¬1)، ولا تثبتُ الحرمةُ بالرضاعِ عندَ الشافعيِّ وأحمدَ إلا أن يرتضعَ (¬2) قبلَ استكمالِ الحولين؛ لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233]، فلو ارتضعَ بعدَهما بلحظةٍ، لم تثبتْ (¬3)، وعددُ الرضاعِ المحرِّم عندَهما خمسُ رضعاتٍ متفرقاتٍ، وعندَ أبي حنيفةَ مدةُ الرضاعِ ثلاثون شهرًا؛ لقوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15]، وعند مالكٍ تحريمُ الرضاعِ في الحولينِ وما قارَبَهما، وعندَهما كثيرُ الرضاعِ وقليلُه محرِّمٌ.
{وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} فكلُّ مَنْ عقدَ النكاحَ على امرأةٍ حرمَتْ عليه أمهاتُها وجدّاتُها من الرضاعِ والنسبِ بنفسِ العقدِ بالاتفاق.
{وَرَبَائِبُكُمُ} جمع رَبيبة، وهي بنتُ المرأة؛ لأن زوجَ الأمِّ يُرَبِّيها غالبًا.
{اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} جمعُ حِجْرٍ، والمرادُ: البيوتُ؛ لأنها بمثابة الولد في التربية غالبًا.
¬__________
(¬1) رواه البخاري (4941)، كتاب: النكاح، باب: ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء في الرضاع، ومسلم (1444)، كتاب: الرضاع، باب: يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة، عن عائشة -رضي الله عنها-.
(¬2) في "ن": "ترضع".
(¬3) في "ن": "يثبت".
الصفحة 107