كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)
[113] ولما أسلمَ عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ وأصحابُه، قال اليهود: ما آمنَ بمحمَّدٍ (¬1) إلا شِرارُنا، ولولا ذلك، ما تركوا دينَ آبائهم، فأنزل الله: {لَيْسُوا سَوَاءً} (¬2) أي: ليسَ أهلُ الكتابِ مستوينَ، بل منهم مؤمنون، ومنهم فاسقون، ثم ابتدأ مستأنِفًا مبينًا لقوله: {لَيْسُوا سَوَاءً} فقال:
{مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} مستقيمةٌ.
{يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ} ساعاتِه.
{وَهُمْ يَسْجُدُونَ} أي: يصلُّون؛ لأنَّ التلاوة لا تكونُ في السجودِ.
{يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)}.
[114] {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ} قرأ أبو جعفرٍ، وأبو عمرٍو، وورشٌ: (يُومِنُونَ) و (يَامُرُونَ) بغير همز (¬3).
{بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} والمعروف: ما عرفه العقلُ أو (¬4) الشرعُ بالحُسْنِ، والمنكَرُ: ما أنكرَهُ أحدُهُما لقبحِهِ.
{وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} متى دُعوا إلى خير، أجابوا. قرأ الدوريُّ عن
¬__________
(¬1) في "ن" و"ت": "لمحمد".
(¬2) انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" (3/ 737)، و"المعجم الكبير" للطبراني (1388)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: 64)، و"تفسير البغوي" (1/ 406)، و"العجاب" لابن حجر (2/ 735)، و"الدر المنثور" للسيوطي (2/ 296).
(¬3) انظر: "الإتقان" للسيوطي، النوع الثالث والثلاثون، في تخفيف الهمز.
(¬4) في "ت": "و".
الصفحة 12