كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

{سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا} أي: انظر إلينا رحمةً لنا.
{لَكَانَ} ذلكَ القولُ.
{خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ} أي: أعدلَ.
{وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} أي: خَذَلهم وأَبْعَدَهم.
{بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} منهم؛ كعبدِ اللهِ بنِ سلامٍ وأصحابِه.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47)}.

[47] ولما كَلَّمَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أحبارَ اليهود عبدَ اللهِ بنَ صوريا، وكعبَ بنَ أَسَدٍ، فقال: "يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ! اتَّقُوا اللهَ، وَأَسْلِمُوا، فَوَاللهِ إِنَّكمْ لَتَعْلَمُونَ إِنَّ الَّذِي جِئْتْكُمْ بِهِ لَحَقٌّ" قالوا: ما نعرفُ ذلك، وأَصَرُّوا على الكفرِ، فنزل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا} (¬1) أي: القرآنِ.
{مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} أي: التوراةِ.
{مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا} فنجعَلَها كَخُفِّ البعيرِ بلا أَنْفٍ ولا عينٍ ولا حاجبٍ كالأقفاء، وهذا معنى:
{فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} وأصلُ الطَّمْسِ: إزالةُ الأثرِ بالمحوِ. فإنْ قيلَ: قد أوعدَهُمُ اللهُ بالطَّمسِ إنْ لم يؤمنوا، ثم لم يؤمنوا، ولم يفعلْ بهم ذلك،
¬__________
(¬1) رواه البخاري (3699)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-.

الصفحة 137