كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)
[118] قال ابنُ عباسٍ: "كانَ رجالٌ من المسلمينَ يواصلونَ اليهودَ؛ لما بينهم من القرابَةِ والصداقة"، وقال مجاهدٌ: كان قومٌ من المؤمنينَ يُصافونَ المنافقين، فنزل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَة} (¬1) أي: أولياءَ، وبطانةُ الرجلِ: خاصَّتُهُ، مأخوذٌ من بطانةِ الثوب.
{مِنْ دُونِكُمْ} من غيرِ مِلَّتِكم.
{لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} لا يُقَصِّرون في إفسادِ أمرِكُم.
{وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ} يَوَدُّونَ ما يَشُقُّ عليكم.
{قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ} أي: البغضُ، معناه: ظهرَتْ أَمارةُ العداوة.
{مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} بالشَّتْمِ والوَقيعةِ في المسلمينَ.
{وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ} منَ البغضِ لكُمْ وعداوتكم.
{أَكْبَرُ} أي: أعظمُ.
{قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} ما بُيِّنَ لكم.
{هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119)}.
[119] ثم أردفَ النهيَ بالتوبيخِ على مُصافاة الخادِعين، فقال: {هَاأَنْتُمْ} تقدَّمَ اختلافُ القُرَّاءِ في هذا الحرفِ.
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الطبري" (4/ 61)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص 65)، و"تفسير البغوي" (1/ 408 - 409)، و"الدر المنثور" للسيوطي (2/ 299).
الصفحة 15