كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)
{فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} نزلَتْ في مِقْيَسِ بنِ صبابةَ، وجد أخاه هشامًا قتيلًا في بني النجار، ولم يظهرْ قاتلُه، فأمرَهُم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدفعوا إليه ديتَهُ، فدفعوا إليه، ثم حملَ على مسلمٍ فقتلَه، ورجعَ إلى مكةَ مرتدًّا (¬1).
{وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} طردَهُ عن الرحمةِ.
{وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}.
واختلِفَ في قبولِ توبةِ القاتلِ، فجماعةٌ على أن لا تقبلَ توبتُه، والذي عليه الجمهورُ، وهو مذهبُ أهل السنَّةِ: أنَّ قاتلَ المسلمِ عمدًا توبتُه مقبولةٌ؛ لقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [طه: 82]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، دَخَلَ الْجَنَّةَ" (¬2)، ويحملون الآيةَ على من قَتَلَ مؤمنًا مستحِلًا لقتله ولم يتبْ.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)}.
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الطبري" (5/ 217)، و "تفسير ابن أبي حاتم" (2/ 1037)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: 94)، و "تفسير البغوي" (1/ 578)، و "الدر المنثور" للسيوطي (2/ 623).
(¬2) تقدم تخريجه.
الصفحة 176