كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)
{وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} والأمانيُّ: هي ما يَتشَهَّاهُ المرءُ ويُطمِعُ نفسَه فيه؛ أي: ثوابُ الله لا يُنال بالأماني، وإنما الأمرُ بالعمل الصالح. قرأ أبو جعفرٍ: (بِأَمَانِيكُمْ وَلاَ أَمَانِي أَهْلِ الْكِتَابِ) بسكونِ الياءِ من غيرِ تشديد (¬1).
{مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا} مبتدأٌ، وهو شرطٌ جوابُه:
{يُجْزَ بِهِ} عاجِلًا أو آجلًا.
وهذه الآية عامة في حقِّ كلِّ عاملٍ، فأما مجازاةُ الكافرِ، فالنارُ، وأما المؤمنُ، فنكباتُ الدنيا، قال أبو بكر رضي الله عنه: لما نزلَتْ {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} قلتُ: يا رسولَ الله! ما أشدَّ هذهِ الآيةَ! فقال: "يَا أَبَا بَكْرٍ! أَمَا تَحْزَنُ، أَمَا تَمْرَضُ، أَمَا تُصِيبُكَ اللأْوَاءُ؟ فَهَذَا بِذلكَ" (¬2).
{وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا} يواليه.
{وَلَا نَصِيرًا} ينصُره في دفعِ العذابِ.
وفي قولِه تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} من الأمثال الدائرة على ألسن الناس: ما تَزْرَعْ تَحْصُدْ.
¬__________
= و"تفسير البغوي" (1/ 601)، و"الدر المنثور" للسيوطي (2/ 694).
(¬1) انظر: "تفسير القرطبي" (5/ 396)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 217 - 252)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 194)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 165).
(¬2) رواه الإمام أحمد في "المسند" (1/ 11)، وأبو يعلى في "مسنده" (98)، وابن حبان في "صحيحه" (2910)، والحاكم في "المستدرك" (4450).
الصفحة 201