كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)
{وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} فاستعينوا بهِ، وتوكَّلوا عليه؛ لأن العزَّ (¬1) والحكمَ له.
{لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127)}.
[127] {لِيَقْطَعَ طَرَفًا} أي: يُهْلِكَ جماعةً.
{مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} فَقُتِلَ منهم يومَ بدر سبعون، وأُسِرَ سبعونَ.
{أَوْ يَكْبِتَهُمْ} أصلُ الكَبْتِ: الإذلالُ والصرفُ عن الشيءِ. المعنى: يُذِلَّهم ويَهْزِمَهم.
{فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ} لم يظفروا بمرادِهم.
وعن أنس: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كُسِرَتْ رُباعِيَتُهُ يومَ أُحدٍ، وشُجَّ في رأسِه، فجعلَ يَسْلُتُ الدمَ عنهُ ويقولُ: "كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبيَّهُمْ، وكَسَرُوا رُبَاعِيَتَهُ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ"، فأنزلَ الله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (¬2).
{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)}.
[128] {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} فيسلموا.
¬__________
(¬1) في "ش": "العزم".
(¬2) رواه مسلم (1791)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة أحد، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
الصفحة 23