كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)
يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)}.
[154] {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ} يا معشرَ المسلمينَ.
{مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً} أي: أَمْنًا {نُعَاسًا يَغْشَى} أي: النعاسُ.
{طَائِفَةً مِنْكُمْ} وهم المؤمنون. قرأ حمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ (تُغَشِّي) بالتاء رَدًّا إلى الـ (أَمَنَةِ)، والباقون: بالياء ردًّا إلى (النعاس) (¬1).
قال ابن عباسٍ: "أَمَّنَهُمْ يومئذٍ بنعاسٍ يغشاهُمِ، إِنَّما ينعسُ مَنْ يأمنُ" (¬2) والخائفُ لا ينامُ، فأرادَ الله تمييزَ المؤمنين من المنافقين، فأوقعَ النعاسَ على المؤمنينَ حتى أَمِنوا، ولم يوقعْ على المنافقين، فَبَقُوا في الخوف.
{وَطَائِفَةٌ} مبتدأٌ، خبرُه:
{قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} وهم المنافقون، لم يكن لهم هَمٌّ بأُحُدٍ سوى أنفسِهم دونَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِه.
{يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ} الظَّنِّ.
¬__________
(¬1) انظر: "الحجة" لأبي زرعة (ص: 176)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: 217)، و"الحجة" لابن خالويه (ص: 114)، و"الكشف" لمكي (1/ 360)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: 184)، و"تفسير البغوي" (1/ 434)، و"التيسير" للداني (ص: 91)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 242)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 180)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 77).
(¬2) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4/ 140).
الصفحة 45