كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

{تُخْرَجُونَ} للبعثِ. قرأ حمزةُ، والكسائيُّ، وخلف، ويعقوبُ، وابنُ ذكوانَ عن ابنِ عامرٍ: (تَخْرُجُونَ) بفتح التاء وضم الراء، والباقون: بضم التاء وفتح الراء (¬1).
...
{يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)}.

[26] {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ} أي: خلقنا لكم.
{لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} التي قصدَ الشيطانُ إبداءها، ونُغنيكم عن خصفِ الورقِ، رُوي أن العربَ كانوا يطوفون بالبيتِ عُراةً، ويقولون: لا نطوفُ في ثيابٍ عَصَيْنا الله فيها، فكان الرجالُ يطوفونَ بالنهارِ، والنساءُ بالليل عراةً، فنزلَتْ (¬2)؛ أمرًا بالستر. قرأ الدوريُّ عن الكسائيِّ بخلافٍ عنه: (يُوَارِي) بالإمالة (¬3)، وهذه الآيةُ دليل على وجوبِ سترِ العورةِ، ولا خلافَ بينَ الأئمةِ في وجوبِ سترِها عن أعينِ الناسِ.
واختلفوا في العورةِ ما هي؟ فقال أبو حنيفةَ: عورةُ الرجلِ ما تحتَ سُرَّتِهِ إلى تحتِ ركبتِه، والركبةُ عورة، ومثلُه الأَمَةُ، وبالأولى بطنُها وظهرُها؛ لأنه موضع مشتهىً، والمكاتَبَةُ وأمُّ الولدِ والمُدَبَّرَةُ كالأمَةِ،
¬__________
(¬1) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 279)، و"التيسير" للداني (ص: 109)، و"تفسير البغوي" (2/ 96)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 350).
(¬2) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: 125).
(¬3) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: 223)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 223)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 350).

الصفحة 509