كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)
{لِأُولَاهُمْ} القادةِ والرؤساءِ، ومعنى لأُولاهم؛ أي: لأجلِ أولاهم؛ لأنَّ خطابَهم مع اللهِ لا مَعهم.
{رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا} عن الهدى، وتقدَّم التنبيهُ على اختلافِ القراءِ في الهمزتينِ عند قولِه: (لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتقولُونَ) [الأعراف: 28]، وكذلك اختلافُهم (هَؤُلاَءِ أَضَلُّونا).
{فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا} مُضاعَفًا {مِنَ النَّارِ} لأنهم ضلُّوا، وأَضَلُّوا.
{قَالَ} اللهُ: {لِكُلٍّ} من القادةِ والأتباعِ.
{ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ} ما لكلِّ واحدٍ من العذابِ. قراءة (¬1) الجمهورِ: (تَعْلَمُونَ) بالخطاب، وقرأ أبو بكرٍ عن عاصمٍ بالغيب (¬2)؛ أي: لا يعلمُ الأتباعُ ما للقادةِ، ولا القادةُ ما للأتباعِ.
...
{وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39)}.
[39] {وَقَالَتْ أُولَاهُمْ} القادةُ {لِأُخْرَاهُمْ} للأتباع:
{فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ} أي: نحن وأنتم في الكفرِ سواءٌ، فَثَمَّ تعالى يقولُ لهم جميعًا: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ}.
...
¬__________
(¬1) في "ن": "قرأ".
(¬2) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 280)، و"التيسير" للداني (ص: 110)، و"تفسير البغوي" (2/ 102)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 357).
الصفحة 519