كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

عنهُ بِدْعَةٌ" (¬1)، وسُئِل الإمامُ أحمدُ رضي الله عنه عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، فقال: "هُوَ كما أخبرَ، لا كما يخطرُ للبشَرِ" (¬2)، والعرشُ في اللغة: هو السريرُ، وخُصَّ العرشُ بالذكرِ تشريفًا له؛ إذ هو أعظمُ المخلوقات.
{يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} يُغَطِّي أحدهما بالآخرَ، وفيهِ حذفٌ؛ أي: ويُغْشي النهارَ الليلَ، ولم يُذْكَرْ؛ لدلالةِ الكلامِ عليه. قرأ حمزةُ، والكسائيُّ، وأبو بكرٍ عن عاصم، وخلفٌ، ويعقوبٌ: (يُغَشِّي) بالتشديد مع فتح الغين، وله قولٌ بإسكانِ الغين والتخفيفِ (¬3).
{يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} يَعْقُبُه سريعًا.
{وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ} مُذَلَّلاتٍ.
{بِأَمْرِهِ} بمشيئته. قرأ ابنُ عامرٍ: (وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ) كلُّها بالرفع على الابتداء والخبرِ، فالشمسُ مبتدأ، والبقيةُ معطوفة عليه، وخبرُه (مُسَخَّراتٌ)، وقرأ الباقونَ: بالنصبِ وكسرِ التاء من (مُسَخَّرَاتٍ) تاء جمع المؤنث السالم عطفًا على قوله: (خَلَقَ السَّمواتِ والأرضَ)، فتنصب (مُسَخَّراتٍ) حالًا (¬4).
¬__________
(¬1) رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" (3/ 398)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/ 325 - 326).
(¬2) انظر: "اعتقاد أهل السنة" للالكائي (3/ 401).
(¬3) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 282)، و"التيسير" للداني (ص: 110)، و"تفسير البغوي" (2/ 109)، و"الكشف" لمكي (1/ 464)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 368).
(¬4) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 282)، و"التيسير" للداني (ص: 110)، =

الصفحة 530