كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ} جميعًا {وَالْأَمْرُ} بأن يأمرَهم ويحكُمَ فيهم ما شاء.
{تَبَارَكَ اللَّهُ} أي: دامَ {رَبُّ الْعَالَمِينَ} وتعظَّمَ بالتفرد في الربوبية.
...
{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55)}.

[55] {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا} تذلُلًا {وَخُفْيَةً} سِرًّا. قرأ أبو بكرٍ عن عاصمٍ: (وَخِفْيَةً) بكسر الخاء، والباقون: بالضم (¬1)، وقد أثنى الله على زكرياء بقوله: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم: 3]، قال الحسنُ: "بينَ دعوةِ السرِّ ودعوةِ العلانيةِ سبعون ضِعْفًا" (¬2)، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، وما يُسمع لهم صوتٌ، إن كان إلا همسًا بينَهم وْبينَ ربِّهم.
{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} المتجاوزينَ برفعِ الصوتِ والتشدُّقِ في الدعاءِ.
...
{وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)}.

[56] {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} بالظلمِ والشركِ.
¬__________
= و"تفسير البغوي" (2/ 109)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 369).
(¬1) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 283)، و"التيسير" للداني (ص: 103)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 370).
(¬2) انظر: "تفسير البغوي" (2/ 110).

الصفحة 531