كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

{وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} واستكبروا عن امتثالِهِ، فقال صالحٌ: انتهَكْتُمْ حرمةَ اللهِ، فأبْشِروا بعذابِه ونِقْمته، وقالوا وهم يستهزئون: ومتى ذلكَ يا صالح؟ قال: تعيشونَ بعدَه ثلاثةَ أيّام تصفرُّ وجوهُكم أولَ يومٍ، وتحمرُّ في الثّاني، وتسوَدُّ في الثّالث، ويُصَبِّحُكُم العذابُ في الرّابع، وكان كذلك، فاستهزَؤوا {وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}.
* * *
{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78)}.

[78] {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} الزلزلةُ الشديدةُ، وجاءتهم صيحةٌ من السَّماء فيها صوتُ كلِّ صاعقةٍ، فتقطَّعَتْ قلوبُهم فماتوا.
{فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} بعضُهم على بعضٍ.
* * *
{فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)}.

[79] {فَتَوَلَّى} أعرضَ.
{عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ}: لم تقبلوا نُصْحي، ناداهُم بذلك توجُّعًا على ما فاتَهُ من إسلامهم، وتوبيخًا لهم، كما خاطبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أهلَ قَليب بَدْرٍ وقال: "إِنَّا وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا" (¬1)، وسارَ
¬__________
(¬1) رواه البخاريّ (3757)، كتاب: المغازي، باب: قتل أبي جهل، ومسلم (2874)، كتاب: الجنَّة وصفة نعيمها وأهلها، باب: عرض مقعد الميِّت من =

الصفحة 546