كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

[171] ثم كرَّرَ تأكيدًا {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ} قرأ الكسائي: (وَإِنَّ الله) بكسر الهمزة على الاستئناف، وقرأ الباقون: بالفتح عطفًا على {بِنِعْمَةٍ} (¬1) أي: يستبشرون بنعمة، وبأن الله {لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَجِدُ الشَّهِيدُ أَلَمَ الْقَتْلِ إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ ألمَ الْقَرْصَةِ" (¬2).
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)}.

[172] ولما انصرفَ أبو سفيانَ نحو مكةَ بأصحابه، ندموا حيث لم يَسْتأصلوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابَه، فأرادوا العودةَ لذلك، فأحبَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُرِيَ من نفسِه جَلَدًا وقوةً، فانتدبَ أصحابَه الذين كانوا معه في القتال للخروج في طلب أبي سفيانَ، فخرج - صلى الله عليه وسلم - بمَنْ معه حتى بلغ حمراءَ الأُسْدِ على ثمانيةِ أميالٍ من المدينة، فَجَبُنَ أبو سفيان عن العودِ، فقال لِنُعَيْمِ بنِ مسعودٍ الأشجعيِّ، أو لركبٍ مَرَّ به: إذا رأيتم محمدًا وأصحابَه، فأخبروهم
¬__________
(¬1) انظر: "الحجة" لأبي زرعة (ص: 181)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: 219)، و"الحجة" لابن خالويه (ص: 116)، و"الكشف" لمكي (1/ 364 - 365)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: 185)، و"تفسير البغوي" (1/ 448)، و"التيسير" للداني (ص: 91)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 244)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 182)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 83).
(¬2) رواه الدارمي في "سننه" (2408)، وابن حبان في "صحيحه" (4655)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 164)، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.

الصفحة 58