كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)
{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178)}.
[178] {وَلَا يَحْسَبَنَّ} قرأ حمزةُ هذا والذي بعده: بالخطاب وفتح السين، وقرأ الباقون: بالغيب وكسر السين، فمن قرأ بالغيب تقديرُه: ولا يحسبَنَّ الكفَّارُ، ومن قرأ الخطاب؛ يعني: ولا تحسبنَّ يا محمد (¬1).
{الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ} أي: نُمهلُهم ونُخَلِّيهم مع إرادتهم.
{خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ} والإملاءُ: الإمهالُ والتأخير.
{إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ} نمهلُهم.
{لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} نزلت في مشركي مكة.
قال - صلى الله عليه وسلم -: "خَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، وَشَرُّ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ" (¬2).
{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ
¬__________
(¬1) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس (1/ 379)، و"الحجة" لأبي زرعة (ص: 182)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: 186)، و"تفسير البغوي" (1/ 453)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 244)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 182)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 87).
(¬2) رواه الترمذي (2330)، كتاب: الزهد، باب: (22)، وقال: حسن صحيح، والإمام أحمد في "المسند" (5/ 40)، والحاكم في "المستدرك" (1256)، عن أبي بكر -رضي الله عنه-.
الصفحة 63