كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179)}.

[179] ولما قال المشركون: يا محمد! تزعُم أن مَنْ خالفك فهو في النار، واللهُ عليه غضبان، وأن من اتبعك على دينك فهو في الجنة، واللهُ عنه راضٍ، فأخبرنا بمن يؤمنُ بكَ ومن (¬1) لا يؤمن بك (¬2)، أنزل الله:
{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} (¬3) أيها المشركون من الكفر والنفاقِ.
{حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} أي: يبينَ المنافقَ من الطيب؛ أي: المؤمِن، فبان المنافقُ يوم أَحُدُ بتخلُّفهم عن الغزو. قرأ حمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ، ويعقوبٌ: (يُمَيِّزَ) بضم الياء الأولى وتشديد الثانية للمبالغة؛ من مَيَّزَ يُمَيِّزُ، وقرأ الباقون: بالفتح والتخفيف؛ من مازَ يَميزُ، وهما لغتان (¬4)، وأصل المَيْزِ: الفصلُ بينَ المتشابهات.
{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} لأنه لا يعلم الغيبَ أحدٌ غيرُه.
{وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} فيُطْلِعهُ على ما يشاء من غيبِهِ.
{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} بأن تصدِّقوهم.
¬__________
(¬1) في "ت": "وبمن".
(¬2) "بك" ساقطة من "ن".
(¬3) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: 73)، و"تفسير البغوي" (1/ 453).
(¬4) انظر: "الحجة" لأبي زرعة (ص: 182)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: 220)، و"الحجة" لابن خالويه (ص: 118)، و"الكشف" لمكي (1/ 369)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: 186)، و"تفسير البغوي" (1/ 454)، و"التيسير" للداني (ص: 92)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 244)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 183)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 88).

الصفحة 64