كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)
{مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} أي: من خيرِ الأمور التي يُعْزَمُ عليها، ويُبالَغُ في طلبها، والعزمُ: قَصْدُ الإمضاءِ.
{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)}.
[187] {وَإِذْ} أي: واذكر إذ {أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} قرأ ابنُ كثيرٍ، وأبو عمرٍو، وأبو بكرٍ عن عاصم: بالغيب فيهما؛ لقوله:
{فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} أي: طرحوه وضيعوه، وقرأ الباقون: بالخطاب؛ أي: وقلنا لهم (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) (¬1).
{وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} من حطامِ الدنيا.
{فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} يختارون لأنفسهم. قال قتادةُ: هذا ميثاقٌ أخذَهُ الله تعالى على أهل العلم، من عَلِمَ شيئًا، فَلْيُعَلِّمْهُ، وإياكم وكتمَ العلم، قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يَعْلَمُهُ فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلجَامٍ مِنْ نَارٍ" (¬2).
¬__________
(¬1) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس (1/ 384)، و"الحجة" لأبي زرعة (ص: 185)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: 221)، و"الكشف" لمكي (1/ 371)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: 187)، و"تفسير البغوي" (1/ 462)، و"التيسير" للداني (ص: 93)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 246)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 93 - 94).
(¬2) رواه أبو داود (3658)، كتاب: العلم، باب: كراهية منع العلم، والترمذي =
الصفحة 71