كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 2)

المخصوصون بكمال الفلاح، قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا، فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ" (¬1).
{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)}.

[105] {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} همُ اليهودُ والنصارى.
{مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} ذُكِّر هُنا أرادَ الجمعَ.
{وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} وعيدٌ للذين تفرَّقوا، وتهديدٌ على التشبيه بهم.
{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)}.

[106] {يَوْمَ} نصبٌ على الظرف؛ أي: في يومٍ.
{تَبْيَضُّ وُجُوهٌ} أي: وجوهُ المؤمنين يومَ القيامةِ سرورًا ونورًا.
{وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} أي: وجوهُ الكافرين خِزْيًا ودُحورًا.
{فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} فيقالُ لهم توبيخًا:
{أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} يومَ أَخْذِ الميثاقِ حينَ قالَ لهم ربُّهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172].
{فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} باللهِ.
¬__________
(¬1) رواه مسلم (49)، كتاب: الإيمان، باب: بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-.

الصفحة 8