كتاب النكت على صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

الدرداء (¬1)، وحسنه حَمزة الكناني [128/ أ] وضعفه غيرهم بالاضطراب في سنده لكن له شواهد يتقوى بِها، ولَم يفصح بكونه حديثًا لكن إيراده له في الترجمة يشعر بأن له أصلًا، وشاهده في القرآن قَوْلُهُ تعالَى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر: 32].
ومناسبته للترجمة من جهة أن الوارث قائم مقام المورث فله حكمه فيما قام مقامه فيه.
قَوْلُهُ: (ورَّثوا) بتشديد الراء المفتوحة، أي: الأنبياء، ويروى بتخفيفها مع الكسر، أي: العلماء، ويؤيد الأول ما عند الترمِذي وغيره فيه: "وإن الأنبياء لَم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنَما وَرَّثُوا العلم".
قَوْلُهُ: (بِحظ) أي: نصيب. (وافر) أي: كامل.
قَوْلُهُ: (ومن سلك طريقًا) هو من جملة الحديث المذكور، وقد أخرج هذه الجملة أيضًا مُسْلِم من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هُرَيْرَةَ في حديث غير هذا، وأخرجه الترمِذيّ وَقَالَ: حسن، قَالَ: "ولَم نقل له صحيح لأنه يقال: إن الأعمش دلس فيه، فَقَالَ: حُدِّثتُ عن أبي صالح" (¬2).
قُلْت: لكن في رواية مُسْلِم (¬3)، عن أبي أسامة، عن الأعمش حَدَّثنَا أبو صالح، فانتفت تهمة تدليسه.
قَوْلُهُ: (طريقًا) نكرها، ونكر علمًا ليتناول أنواع الطرق الموصلة إلَى تحصيل العلوم الدينية، وليندرج فيه القليل والكثير.
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود في "سننه" (كتاب العلم، باب: الحث عَلى طلب العلمِ) برقم (3641)، والترمذي في "الجامع" (كتاب العلم، باب: ما جاء في فضل الفقه على العبادة) برقم (2682)، وابن حبان في "صحيحه" (كتاب العلم، باب: الزجر عن كتبة المرء السنن. . . .) برقم (88)، ولَم نقف عليه عند الحاكم في "المستدرك".
(¬2) أخرجه الترمِذيّ في "الجامع" (كتاب العلم، باب: فضل طلب العلم) برقم (2646)، وفِي (كتاب القراءات، باب: ما جاء أن القرآن أنزل عَلى سبعة أحرف) برقم (2945)، وليس في المطبوع في الموضعين ما نقله الحافظ عن الترمِذي من قَوْله: "ولَم نقل له صحيح؛ لأنه يقال إن الأعمش دلس فيه"، ولكن الترمذي قَالَ في الموضع الأول: "حسن"، وفِي الموضع الثاني نقل عن الأعمش أنه قَالَ: "حدثت عَن أبي صالح"، فالله أعلم.
(¬3) "صحيح مسلم" (كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر) برقم (2699).

الصفحة 107