قَوْلُهُ: (سهل الله له طريقًا) أي: في الآخرة، أو في الدُّنْيَا بأن يوفقه للأعمال الصالحة الموصلة إلَى الجنة، أو فيه إشارة بتسهيل العلم عَلى طالبه؛ لأن طلبه من الطرق الموصلة إلَى الجنة.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ) أي: الله -عز وجل-، وهو معطوف عَلى قَوْله: "لقول الله: {إِنَّمَا يَخْشَى} [فاطر: 28] ". أي: يَخاف من الله مَنْ عَلِمَ قدرته وسلطانه، وهم العلماء، قاله ابن عباس (¬1).
قوْلُهُ: {وَمَا يَعْقِلُهَا} [العنكبوت: 43]. أي: الأمثال المضروبة.
قوْلُهُ: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ} [الملك: 10]. أي: سَمْع مَنْ يَعِي ويفهم، {أَوْ نَعْقِلُ} عَقْل مَنْ يُميز، وهذه أوصاف أهل العلم، فالمعنى: لو كنا من أهل العلم لعلمنا ما يَجب علينا فعَمِلنا به فنجونا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "من يُرد الله به خيرًا يفقهه") كذا في رواية الأكثر، وفِي رواية المُسْتَمْلِي: "يُفَهِّمْهُ" -بالهاء المشددة المكسورة بعدها ميم-، وقد وصله المؤلف [128/ ب] باللفظ الأول بعد هذا ببابين كما سيأتي، وأمَّا اللفظ الثاني فأخرجه ابن أبي عاصم في كتاب العلم من طريق ابن عمر، عن عمر مرفوعًا وإسناده حسن.
والفقه: هو الفهم، قَالَ الله تعالَى: {لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78)} [النساء: 78]. أي: لا يفهمون، والمراد: الفهم في الأحكام الشرعية.
قَوْلُهُ: (وإنَّما العلم بالتعلم) هو حديث مرفوع أيضًا، أورده ابن أبي عاصم، والطبراني من حديث معاوية أيضا بلفظ: "يا أيها الناس، تعلموا إنَّما العلمُ بالتَّعَلُّم، والفقه بالتَّفَقُّه، ومن يُرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" (¬2)، إسناده حسن؛ لأن فيه مبهمًا اعتضد بِمجيئه من وجه آخر.
¬__________
(¬1) أخرج الطبري في "تفسيره" (سورة فاطر، قَوْلُهُ تعالَى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (10/ 409) عن ابن عباس في تفسير الآية، قَالَ: "الَّذِين يعلمون أن الله عَلى كل شيء قدير".
(¬2) عزاه الهيثمي للطبراني في الكبير من حديث معاوية في "مجمع الزوائد" (كتاب العلم، باب: العلم بالتعلم) (1/ 128)، وهو عند الطبراني في "مسند الشاميين" (1/ 431).