كتاب النكت على صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

وفيه دليل عَلى [أن] (¬1) أبا ذر كَانَ لا يرى بطاعة الإمام إِذا نهاه عن الفتيا؛ لأنه كَانَ يرى أن ذَلِكَ [129/ أ] واجب عليه؛ لأمر النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بالتبليغ عنه كما تقدم، ولعله أيضًا سمع الوعيد في حق من كتم علمًا يعلمه، وسيأتي لعلي مع عُثْمَان نَحوه.
و(الصَّمْصَامة) بالمهملتين الأولَى مفتوحة: هو السيف الصارم الَّذِي لا ينثني، وقيل: الذِي له حدٌّ واحد.
قَوْلُهُ: (هذه) إشارة إلَى القفا، وهو يذكر ويؤنث.
و(أُنْفِذ) بضم الهمزة وكسر الفاء والذال المعجمة، أي: أمضي.
و(تُجِيزوا) بضم المثناة وكسر الجيم وبعد الياء زاي، أي: تكملوا قتلي، ونكر "كلمة" لتشمل القليل والكثير، والمراد: أنه يبلغ ما تحمله في كل حال، ولا ينتهي عن ذَلِكَ ولو أشرف عَلى القتل.
و"لو" في كلامه لمجرد الشرط من غير أن يلاحظ الامتناع، والمراد: أن الإنفاذ حاصل عَلى تقدير وضع الصمصامة، [و] (¬2) عَلى تقدير عدم حصوله أولى، فهو مثل قَوْله "لو لَم يخف الله لَم يعصه".
وفيه الحث عَلى تعليم العلم، واحتمال المشقة فيه، والصبر عَلى الأداء طلبًا للثواب.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابن عباس) هذا التعليق وصله ابن أبي عاصم أيضًا بإسناد حسن، والخطيب بإسناد آخر حسن (¬3). وقد فسر ابن عباس "الرباني" بأنه الحكيم الفقيه، ووافقه ابن مسعود فيما رَوَاهُ إبراهيم الحربي في غريبه عنه بإسناد صحيح.
وَقَالَ الأصمعي والإسماعيلي: الرباني نسبة إلَى الرب، أي: الذِي يقصد ما أمره
¬__________
(¬1) زيادة من "الفتح".
(¬2) زيادة من "الفتح".
(¬3) وأخرجه الطبري في "تفسيره" (سورة آل عمران، قَوْلُهُ تعالَى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)}) (3/ 222).

الصفحة 110