كتاب النكت على صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

قوله: (وتؤمن بالبعث) زاد في التفسير: "الآخر"، ولمسلم في حديث عمر: "واليوم الآخر"، فأما البعث الآخر فقيل: ذَكَر الآخر تأكيدًا، كقولهم: أمس الذاهب، وقيل: لأن البعث وقع مرتين.
الأولَى: الإخراج من العدم إلى الوجود، أو من بطون الأمهات بعد النطفة والعلقة إلَى الحياة الدُّنْيَا.
والثانية: البعث من بطون القبور إلَى مَحل الاستقرار، وأما اليوم الآخر فقيل له ذَلكَ؛ لأنه آخر أيام الدُّنْيَا، أو آخر الأزمنة المحدودة.
والمراد بالإيمان به: التصديق بما يقع فيه من الحساب والميزان والجنة والنار، وقد وقع التصريح بذكر الأربعة بعد ذكر البعث في رواية سليمان التيمي وفِي حديث ابن عباس أيضًا.
* فائدة:
زاد الإسماعيلي في (مستخرجه) هنا: "وتؤمن بالقدر"، وفِي رواية أبي فروة أيضًا، وكذا لمسلم من رواية عُمَارة بن القعقاع، وأكده بقوله: "كله"، وفِي رواية كَهْمَس، وسليمان التيمي: "وتؤمن بالقدر خيره وشره". وكذا في حديث ابن عباس، وهو في رواية عطاء، عن ابن عمر بزيادة: "وحلوه ومره من الله".
وكأن الحكمة في إعادة لفظ: "وتؤمن" عند ذكر البعث الإشارة إلَى أنه نوع آخر مما يؤمن بذلك (¬1)؛ لأن البعث سيوجد بَعْدُ، وما ذكر قبله موجود الآن، أو للتنويه بذكره لكثرة من كَانَ يُنكره من الكفار، ولهذا كثر تكراره في القرآن، وهكذا الحكمة في إعادة لفظ: "وتؤمن" عند ذكر القدر، كأنها إشارة إلَى ما يقع فيه من [97/ أ] الاختلاف، فحصل الاهتمام بشأنه بإعادة: "يؤمن"، ثم قرره بالإبدال بقوله: "خيره وشره، وحلوه ومره"، ثم زاد تأكيدًا بقوله في الرواية الأخيرة: "من الله".
¬__________
(¬1) في "الفتح": (به).

الصفحة 12