كتاب النكت على صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

وَعَلى هذا فقوله رجل بالرفع، والتقدير: خصلة رجل [132/ ب]، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وللمصنف في الاعتصام: "إلا في اثنين" (¬1)، وَعَلى هذا فقوله: "رجل" بالخفض عَلى البدلية، أي: خصلة رجلين، ويَجوز النصب بإضمار: "أعني"، وهي رواية ابن ماجه (¬2).
قَوْلُهُ: (مالًا) نكرة ليشمل القليل والكثير.
قَوْلُهُ: (فَسُلِّط) كذا لأبي ذر، وللباقين: "فسلطه"، وعبر بالتسلط لدلالته عَلى قهر النفس المجبولة عَلى الشُّحِّ.
قَوْلُهُ: (هلكته) بفتح اللام والكاف، أي: إهلاكه، وعبر بذلك ليدل عَلى أنه لا يُبْقِي منه شيئًا، وكمله بقوله: "في الحق" أي: في الطاعات؛ ليزيل عنه إبهام الإسراف المذموم.
قَوْلُهُ: (الحكمة) اللام للعهد؛ لأن المراد بِها القرآن عَلى ما أشرنا إليه قبل.
* فائدة:
زاد أبو هُرَيْرَةَ في هذا الحديث ما يدل عَلى أن المراد بالحسد المذكور هُنا بالغِبْطة كما شرحناه، ولفظه: "فَقَالَ رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل"، أورده المصنف في فضائل القرآن (¬3).
وعند الترمِذيّ من حديث أبي كَبْشة الأنْمَاري -بفتح الهمزة وإسكان النون- أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول، فذكر حديثا طويلًا فيه استواء العامل في المال بالحق
¬__________
(¬1) ليس في الاعتصام بهذا اللفظ ولا في أي موضع من مواضع الحديث في "صحيح البُخَاريّ"، وعند تعرض الحافظ لشرح الحديث في كتاب الاعتصام قَال: (حديث ابن مسعود: "لا حسد إلا في اثنتين") وقد تقدم.
هذا؛ وقد وقع عند أحْمَد في "مسنده" (1/ 385) بهذا اللفظ من طريق يَحيى القطان عن إسماعيل بن أبي خالد، وبهذا السند أخرجه البُخَاريّ في (كتاب الزكاة، باب: إنفاق المال في حقه) برقم (1409) ولكن بلفظ: "ثنتين"، فالله أعلم.
(¬2) ليس في ابن ماجه المطبوع بالنصب، بل بالرفع والخفض معا، (كتاب الزهد، باب الحسد) برقم (4208).
(¬3) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب فضائل القرآن، باب: اغتباط صاحب القرآن) برقم (5025).

الصفحة 122