كتاب النكت على صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

الهمزة جمع شَرَط بفتحتين كقلم وأقلام، ويستفاد من اختلاف الروايات [99 / ب] أن التحديث والإخبار والإنباء بِمعنى واحد، وإنما غاير بينها أهل الحديث اصطلاحًا.
قَالَ القرطبي: علامات الساعة عَلى قسمين ما يكون من نوع المعتاد أو غيره، والمذكور هنا الأول، وأما الغير مثل طلوع الشمس من مغربها، فتلك مقارنة لها أو مطابقة، والمراد هنا: العلامات السابقة عَلى ذَلِكَ.
قوله: (إذا ولدت) التعبير "إذا" للإشعار بتحقق الوقوع.
فإن قيل: الأشراط جمع وأقله ثلاث والمذكور هنا اثنان.
أجاب الكرماني: بأنه قد تستقرض القلة للكثرة وبالعكس، أو لأن الفرق بالقلة والكثرة إنما هو في النكرات لا في المعارف، أو لفظ جمع الكثرة للفظ الشرط.
وفِي هذه الأجوبة نظر، والجواب المرضي: أن المذكور من الأشراط ثلاثة، وإنما بعض الرواة اقتصر عَلى اثنين منها؛ لأنه هنا ذكر الولادة والتطاول، وفِي التفسير ذكر الولادة وترؤس الحفاة، وفِي رواية ابن بشر الَّتِي أخرج مُسْلِم إسنادها وساق ابن خُزيْمة لفظها عن أبي حَيَّان ذكر الثلاثة (¬1)، وكذا في مستخرج الإسماعيلي من طريق ابن عُلية، وكذا ذكرها عُمَارة بن القعقاع، ووقع مثل ذَلِكَ في حديث عمر، ففي رواية كَهْمَس ذكر الولادة والتطاول فقط، ووافقه عُثْمَان بن غِياث، وفِي رواية سليمان التيمي ذكر الثلاثة ووافقه عطاء الخراساني.
قوله: (إذا ولدت الأمة ربها). وفي التفسير: "ربتها" بتاء التأنيث، وكذا في حديث عمر، ولمحمد بن بشر مثله، وزاد: "يعني: السَّرَارِي" وفِي رواية عُمَارة بن القعقاع: "إذا رأيت الأمة تلد ربها"، ونَحوه لأبي فروة، وفِي رواية عُثْمَان بن غِيَاث: "الإماء أَربابهن" بلفظ الجمع.
¬__________
(¬1) أخرج مُسْلِم إسنادها في "صحيحه" (كتاب الإيمان، باب: بيان الإيمان والإسلام والإحسان. . .) برقم (9)، وأخرجها ابن خُزيمة في "صحيحه" (كتاب الزكاة، باب: البيان أن إيتاء الزكاة من الإسلام. .) برقم (2244).

الصفحة 19