كتاب النكت على صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

سبيل المبالغة، أو المراد بالرب هنا: المربي، وفِي المنهي عنه السيد، أو أن النهي متأخر، أو مُختص بغير الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
قوله: (تطاول) أي: تفاخروا في تطويل البنيان وتكاثروا به.
قوله: (رُعَاة الإبل) هو بضم الراء: جمع راعٍ، كقضاة وقاضٍ.
و(البُهْم) بضم الموحدة، ووقع في رواية الأصيلي بفتحها، ولا يتجه مع ذكر الإبل، وإنما يتجه مع ذكر الشياه، أو مع عدم الإضافة كما في رواية مُسْلِم.
وميم "البُهْم" في رواية البُخَاريّ يَجوز ضمها عَلى أنها صفة الرعاة، ويجوز الكسر عَلى أنها صفة الإبل، يعني: الإبل السود، وقيل: إنها شر الألوان عندهم، وخيرها الحمر التِي ضُرب بها المثل، فقيل: خير من حُمْر النَّعَم، ووصف الرعاة بالبُهْم إما لأنهم مجهولو الأنساب، ومنه أُبْهم الأمر فهو مُبْهم: إذا لَم تعرف حقيقته.
وَقَالَ القرطبي: الأولَى أن يحمل عَلى أنهم سود الألوان؛ لأن الأدمة غالب ألوانهم.
وقيل: معناه أنهم لا شيء لَهم، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يحشر الناس حفاة عراة [101 / أ] بُهْمًا" (¬1). وَقَالَ: وفيه نظر؛ لأنه قد نسب لهم الإبل فكيف يقال: لا شيء لَهم؟
قلت: يحمل عَلى أنها إضافة اختصاص لا ملك، وهذا هو الغالب أن الراعي يرعى لغيره وبأجرة، وأما المالك فَقَلَّ أن يباشر بنفسه.
قوله في التفسير: (وإذا كَانَ الحفاة العراة) (¬2). زاد الإسماعيلي في روايته: "الصم البكم"، وقيل لهم ذَلكَ مبالغة في وصفهم بالجهل، أي: لَم يستعملوا أسماعهم ولا أبصارهم في شيء من أمر دينهم وإن كانت حواسهم سليمة.
¬__________
= برقم (2552)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها، باب: حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى) برقم (2249).
(¬1) أخرجه البُخَاريّ في "التاريخ الكبير" (4/ 1/ 169، 170) وليس فيه كلمة "حفاة"، وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (1/ 104) بلفظ: "إن الله يبعثكم يوم القيامة من قبوركم حفاة عراة بهمًا".
(¬2) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب التفسير، سورة لقمان، باب: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} برقم (4777).

الصفحة 22