كتاب النكت على صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

قول ابن عباس إنّما كان يقوله عندما يحدث بهذا الحديث، وفي رواية مَعْمَر عند المصنف في الاعتصام وغيره: قال عبيد الله: "فكان ابن عباس يقول" (¬1)، وكذا لأحمد من طريق جَرير بن حازم، عن يونس بن يزيد (¬2).
ووجه رواية حديث الباب أن ابن عباس لما حدث عُبيد الله بهذا الحديث خرج من المكان الذي كان به وهو يقول إلَى آخره، وإنّما يتعين حمله على غير ظاهره؛ لأن عُبيد الله تابعي من الطبقة الثانية لم يُدرك القصة في وقتها؛ لأنه ولد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمدة طويلة، ثم سمعها من ابن عباس بعد ذلك بمدة أخرى، والله أعلم.
قَوْلُهُ: (الرَّزِيئَة) هي بفتح الراء وكسر الزاي بعدها ياء ثم همزة، وقد تسهل الهمزة وتشدد الياء، ومعناها: المصيبة، وزاد في رواية معمر: "لاختلافهم ولغطهم" (¬3)، أي: أن الاختلاف قد يكون سببًا في حرمان الخير، كما وقع في قصة الرجلين اللذين تخاصما فرفع تعيين ليلة القدر بسبب ذلك (¬4).
وفيه وقوع الاجتهاد بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما لم يُنزل عليه فيه، وسنذكر بقية ما يتعلق به في أواخر السيرة النبوية من كتاب المغازي إن شاء الله تعالَى.
¬__________
(¬1) "صحيح البخاري" (كتاب الاعتصام، باب: كراهية الاختلاف) برقم (7366).
(¬2) "مسند أحمد" (1/ 324 - 325).
(¬3) "صحيح البخاري" (كتاب المغازي، باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته) برقم (4432).
(¬4) سبق في (كتاب الإيمان، باب: خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر) برقم (49) من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -.

الصفحة 230