كتاب النكت على صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

42 - باب: حِفْظِ الْعِلْمِ
118 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَني مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَلَوْلاَ آيَتَانِ في كِتَابِ الله مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا، ثُمَّ يَتْلُو: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} إلى قَوْلِهِ: {الرَّحِيمُ} [البقرة: 159 - 160] إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وِإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الاَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الْعَمَلُ في أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لِشِبَعِ بَطْنِهِ وَيَحْضُرُ مَا لا يَحْضُرُونَ، وَيَحْفَظُ مَا لا يَحْفَظُونَ.
قَوْلُهُ: (باب حفظ العلم) لم يذكر في الباب شيئًا عن غير أبي هريرة؛ وذلك لأنه كان أحفظ الصحابة للحديث، قال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في عصره، وقد كان ابن عمر يترحم عليه في جنازته ويقول: "كان يحفظ على المسلمين حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -". رواه ابن سعد (¬1).
وقد دل الحديث الثالث من الباب على أنه لم يحدث بجميع محفوظه، ومع ذلك فالموجود من حديثه أكثر من الموجود من حديث غيره من المكثرين.
ولا يعارض هذا ما تقدم من تقديمه عبد الله بن عمرو على نفسه في كثرة الحديث؛ لأنا قدمنا الجواب عن ذلك؛ ولأن الحديث الثاني من الباب دل على أنه لم ينس شيئًا سمعه، ولم يثبت مثل ذلك لغيره.
قَوْلُهُ: (حَدَّثنا عبد العزيز) هو الأوَيْسي المدني، والإسناد كله مدنيون.
قَوْلُهُ: (أكثر أبو هريرة) أي: من الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما صرَّح به المصنف في البيوع من طريق شُعيب عن الزُّهري (¬2)، وله فيه وفي المزارعة من طريق
¬__________
(¬1) "طبقات ابن سعد" (4/ 340).
(¬2) "صحيح البخاري" (كتاب البيوع، باب: ما جاء في قول الله تعالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا =

الصفحة 239