كتاب النكت على صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

58 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ الله، يَقُولُ يَوْمَ مَاتَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَامَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ، فَإِنّمَا يَأْتِيكُمُ الآنَ، ثُمَّ قَالَ: اسْتَعْفُوا لأَمِيرِكُمْ، فَإِنّهُ كانَ يُحِبُّ الْعَفْوَ. ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَتيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلَامِ. فَشَرَطَ عَلَيَّ: وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. فَبَايَعْته عَلَى هَذَا، وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ إِنِّي لنَاصِحُ لَكُمْ. ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَنَزَلَ.
قَوْلُهُ: (سمعت جرير بن عبد الله) المسموع من جرير: حَمْدُ الله والثناء عليه، فالتقديرـ: سمعت جريرًا حَمِدَ الله، والباقي شرح للكيفية.
قوْلُهُ: (يوم مات المغيرة بن شعبة) كَانَ المغيرة واليًا عَلى الكوفة في خلافة معاوية، وكانت وفاته سنة خَمسين من الهجرة، واستناب عند موته ابنه عُروة، وقيل: استناب جريرًا المذكور، ولهذا خطب الخطبة المذكورة.
و(الوقار) بالفتح: الرزانة.
و(السَّكينة) السكون، وإنَّما أمرهم بذلك مقدمًا لتقوى الله؛ لأن الغالب أن وفاة الأمراء تؤدي إلَى الاضطراب والفتنة، ولاسيما ما كَانَ عليه أهل الكوفة إِذ ذاك من مُخالفة ولاة الأمور.
قَوْلُهُ: (حَتَّى يأتيكم أمير) أي: بدل الأمير الَّذِي مات، ومفهوم الغاية هنا وهو أن المأمور به ينتهي بمجيء الأمير ليس مرادًا، بل يلزم ذَلِكَ بعد مجيء الأمير بطريق الأَولَى، وشرط اعتبار مفهوم المخالفة ألا يعارضه مفهوم الموافقة.
قَوْلُهُ: (الآن) أراد به تقريب المدة [113/ ب] تسهيلًا عليهم، وَكَانَ كذلك؛ لأن معاوية لما بلغه موت المغيرة كتب إلَى نائبه عَلى البصرة -وهو زياد- أن يسير إلَى الكوفة أميرًا عليها.
قَوْلُهُ: (استعفوا لأميركم) أي: اطلبوا له العفو من الله كذا في معظم الروايات

الصفحة 60